adsense

2019/08/28 - 3:47 م


بقلم الأستاذ حميد طولست
لله في خلقه شؤون، فرغم أن الإنسان المغربي ذكي بطبعه ، وبإمكانه أن يتعلم مما مر ويمر به من تجارب في شتّى المجالات، ليحرير نفسه ممن يتربصون به من النصابين، ويجنبها الوقوع في حبائل المحتالين ، إلا أنه مع الأسف الشديد، لا يربأ بنفسه أن يكون صيدًا سهلا في يد من يريدون له أن يرعى مع الهمل ، ويرتع ويلعب مع التائهين ، ويرضع معهم من أثداء الرداءة والانحطاط ، ويلغ من آنية التردي والخذلان ، وينخدع مثلهم بمكر الماكرين، ويصدق وعود الكذابين ، مرة لغفلة جُبلت دفين في ذهنيته ، ومرة لجهل ورثه عقله  ، ومرة ثالثة لنفاق تشبعته نفسه مما يروج حوله في سوق السياسة المغربية الذي أصبح فيه الفاسد يحتج ضد الفساد ، و المنحرف يندد بالرذيلة ، والغبي يشجب الجهل ، وغيرها من التناقضات والاختلالات التي تدخل ضمن مجموعة الظواهر السلبية الصارخة التي تملأ البلاد ، والمرتبطة بخطابات وممارسات الفاعلين السياسيين واستراتيجياتهم المتخنة بنزعات الطمع والنرجسية وحب السلطة وتحقيق المصالح الأنانية المتخفية تحت عباءات كل أنواع الأيديولوجيات ، الإشتراكية منها والليبرالية والدينية ، وما ترتب عنها من قتل للطموح والآمال في النفوس ، وتآكل قيم الوطنية والكفاح والاجتهاد والعصامية والنزاهة ، وتمكين قيم الفساد من التفرعن في أوصال الوطن ، وتسويد الحياة ، وتدمر البلاد ، وإعادتها إلى أزمان التردي والخمول والكسل والإنشغال بالصراعات الدينية ومعاركها اليومية المحطمة لكل جميل في الحياة ..
أه كم هي صادمة المقارة ، حين تجرنا إلى طرح الأسئلة المؤرقة لكل من به ذرة وطنية وشيء من الضمير الحي ، أمثال لماذا أصبح حالنا هكذا من دون غيرنا؟ وما علة ما نحن فيه وعليه من ضياع حقيقي للحياة ، وما هو فيه غيرنا من الإلتزام بالأخلاق بكل أبعادها الإنسانية والدينية الرفيعة؟ وهل هو نحس عصف بهذا البلد الآمن ، أم هي لعنة وغضب من السماء نزلت به فعمه الخراب وأصابه البلاء ؟