adsense

2019/08/26 - 12:08 م

بقلم الأستاذ حميد طولست


لو تتبعنا التطورات الهائلة التي طرأت على المجتمع المغربي ، واستعرضنا جل انعكاسات التغييرات التي حصلت فيه مند نهاية القرن الماضي ، والتي جعلت منه مجتمعا غريبا عما عرفنا عليه بالأمس القريب ، من استهجان للظواهر القبيحة ، وتفان في مقاومة السلوكيات السيِّئة والأخلاق الرديئة  والعادات المشينة ، فأصبح الناس اليوم يتبارون فيه على انتاج كل ما يسيئ للذوق والأخلاق ، ولا يتورعون عن القيام بها ، ضدا في كل الشرائع والقوانين والأعراف ، رغم ما تتسبب فيه من السوء البليغ للبلاد ، والجرح العميق للعباد ، ولعل وفوضوية انتشار الاعداد الخيالية لعربات بيع الفواكه والخضار في كل طرقات المدن وشوارعها  ، وبشاعة تزاحمها أمام المحال التجارية وبوابات المساجد ، واعتراضها مسارات السيارات في قارعة الشوارع العامة ، هي واحدة من أهجن وأقبح الظواهر المستفزة التي ميزت الساحة في العقدين الخيرين ، وقضت مضاجع ساكنة المدن والقرى على حد سواء ، وبوأت مجتمعنا -خلال مسار تغيره الذي لم يكن بالضرورة للأحسن - الدرجات المتقدمة في التسيب والفوضى ، وجعلت المتتبح لحاله يحسبه مجتمعا يعيش ليأكل وينام و... لا غير، حيث أنه لا يخلو أي شارع رئيسي أو جانبي ، في أيٍّ من الأحياء السكنية الراقية منها والشعبية والعشوائية ، من عربات مشوهة مجرورة أو مقطورة "بموتورات" تركية ، يمارس بها أصحابها تجارة غير مرخصة ، متصايحين في تنافسية مقيتة ومستفزة ، لتصريف سلعهم من الفواكه والخضراوات ، والتي رغم تعرضها للشمس والغبار وأدخنة عوادم السيارات ، فإن الاقبال على إقتنائها ، يتواصل بشكل مريب من جميع طبقات المجتمع الفقيرة والغنية والثرية التي تتسبب عمليات توقف سياراتهم  للتسوق  ارباكا مروريا يشكل مضايقة مباشرة لمستعملي الطريق ويخلق للساكنة اوضاعا اجتماعية متأزمة ومزمنة ، لم تستطع الحكومات المتعاقبة إيجاد حلول لها ، بسبب فشل “النموذج التنموي” في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير فرص الشغل، والحد من الفوارق الطبقية والتوزيع العادل للثروة، الذي أدى إلى تزايد في نسب الفقر والهشاشة والعطالة، في أوساط الشباب حاملي الشواهد العليا، ما دفع بهم للبحث عن التشغيل الذاتي، عن طريق ممارسة هذا النوع من التجارة غير المظامية..