adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/04/27 - 10:45 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست

انعقد يوم السبت 26 أبريل 2025 في مدينة بوزنيقة المغربية المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية، في محطة يصفها كثير من المراقبين بأنها لحظة مصيرية لتقرير مستقبل الإسلاميين الذين اختاروا طريق "الإصلاح من داخل المنظومة". وبينما تتباين التقديرات حول مآلات هذا المؤتمر، يبدو أن جميع مكونات الحزب تدرك أن مصيره السياسي والتنظيمي معلق على ما ستسفر عنه هذه اللحظة الفارقة: إما عودة تدريجية إلى الساحة أو الانحدار إلى الهامش.

غير أن ما أثار الاستغراب - بل الاستهجان لدى كثير من المتابعين - هو الحضور البارز للغة الأمازيغية في شعارات ولافتات المؤتمر. هذه اللغة التي طالما كانت عرضة للاستهزاء والازدراء من طرف قيادات الحزب، وعلى رأسهم عبد الإله بن كيران، الذي لم يتردد في وصف الأمازيغية بـ"الشنوية" وبأنها "غير مفهومة"، في خطابات حملت الكثير من مشاعر الإقصاء والعداء للبعد الأمازيغي للمغرب ، الدي عرف عن تيار الإسلام السياسي، عموماً، مقابل ميله للتماهي مع أجندات الشرق الأوسط وتجاهله المتعمد للخصوصيات المحلية، ومنها الهوية الأمازيغية، التي تُعد ركيزة أساسية في البناء الحضاري للمغرب. فكيف إذن نفهم هذا التحول المفاجئ الذي جعل من اللغة الأمازيغية عنصراً بارزاً في مشهد مؤتمر حزب العدالة والتنمية؟

هل يتعلق الأمر بمراجعة فكرية حقيقية داخل الحزب تجاه الأمازيغية، بعد أن أيقن أن تجاهلها خسارة سياسية فادحة؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون محاولة يائسة لاستعادة جزء من المشروعية المجتمعية التي فقدها الحزب بعد الانهيار الانتخابي الكبير الذي عرفه سنة 2021؟

كثيرون يرون أن استحضار الأمازيغية في هذا التوقيت لا يمكن فصله عن محاولة الحزب تجميل صورته وإظهار نفسه بمظهر الحزب الوطني الجامع، المتصالح مع جميع مكونات الهوية المغربية. غير أن الجراح القديمة، التي خلفتها مواقف بن كيران وغيره من قيادات الحزب تجاه الأمازيغية، لا تزال حاضرة بقوة في ذاكرة المغاربة.

إن احترام الأمازيغية كلغة وهوية وثقافة لا يكون برفع لافتات أو شعارات مناسباتية، بل يتطلب مراجعات عميقة لخطاب الحزب، وتغييراً جذرياً في رؤيته للدولة الوطنية الحديثة، القائمة على التعدد والاعتراف بجميع روافد الهوية المغربية بدون انتقائية ولا ازدواجية.

في النهاية، يبقى السؤال الجوهري: هل يشكل هذا الحضور الرمزي للأمازيغية بداية تصالح حقيقي لحزب العدالة والتنمية مع الواقع المغربي المتعدد، أم هو مجرد تكتيك سياسي عابر سرعان ما سينكشف مع أول امتحان عملي؟ والأيام القادمة كفيلة بالإجابة !!