adsense

2020/02/20 - 11:06 ص


بقلم عبد الحي الرايس
كُلَّما حل اليوم الوطني للسلامة الطرقية نُحمِّلُ العنصر البشري المسؤولية في ما يقع من حوادث، ونَرْكَنُ إلى الطمْأنة بأننا سنرفع نسبة التحسيس، ونعدد أساليب التربية، ثم نُجدد التذكير والأمل في أن نربح 25 % من ضحايا حوادث السير في أفق 2021 ، و50 % في أفق 2026 وفق ما تبشر به  الإستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية (2017 ـ 2026).
والحال أن رهان الإستراتيجية مرت عليه ثلاث سنوات، فمنطق الأمور أن نكون قد حققنا ربحا  بنسبة 15 ـ % من الأرواح، بَيْدَ أن النسبة المعلنة عن سنة 2019 هي 2,9 ـ %، وعن  2017 بنسبة 1,56 ـ %  وعن  2018  بنسبة 0,27 % مما يُعطي انطباعا بأن النسبة تُراوح مكانها، وهو ما يظل بعيداً عن تحقيق النسبة المنشودة، فأين يكمن الخلل؟
نستحضرُ الإحصائيات، ونرفعُ الشعارات، ونستخلصُ الْعِبَر، ولكننا نُغيِّبُ كثيراً من معطيات الواقع الطرقي الْمَعيش بنواقصه وسلبياته.
ولو فعلنا ـ وينبغي أن نفعل ـ لطالعتنا صورٌ قاتمة في العديد من المدن تُدينُ هذا الواقع، وتقتضي استحضاره والتعبئة لتجاوزه، إسهاماً في توفير ظروف التنقل الآمن، إنقاذاً للأرواح، وحماية لحق الحياة، من ذلك:
ـ اكتساح واحتلال الملك العمومي، مما يقذف بالراجلين إلى عرض الشارع، ويجعلهم في مهب مخاطر الطريق
ـ عدم إيلاء الرصيف الاهتمام اللازم استواءً وصيانة وإخلاءً من الاختلالات
ـ نُدرة الاهتمام بالولوجيات ، مما تكون له انعكاسات سلبية على العديد من فئات مستعملي الطريق
ـ التباطؤ في مد المسالك المعزولة للدراجات وتعميمها خاصة في المجالات الحضرية، مما يجعلها تختلط بمختلف وسائل النقل ويرفع نسبة الضحايا من مستعمليها.
ـ وباستثناء محطات البراق والترامواي، فباقي المحطات تجعل الصاعد إلى القطار أو النازل منه مستهدفا  للإصابة أو الإعاقة، أو الوفاة في بعض الحالات.
ـ أما مشاكل النقل الحضري والعمومي الرابط بين المدن فحدِّثْ ولا حرج، وباستثناء ما يتحقق بالرباط والبيضاء، وما وُعدت به أكادير فباقي المدن تعاني من نقص كبير في التطوير والتأهيل، ولكل ذلك انعكاساته المتمثلة في الاختناقات الطرقية، والاضطرار إلى استخدام وسائل النقل الخصوصية.
ـ أما وسائل الإسعاف فقلما تتوفر لها تجهيزات الإغاثة الفورية، وكثيرا ما يضطر المصابون في الحوادث إلى انتظار يطول، مما يسفر عن مضاعفات ووفيات.
ـ علماً أن اللجنة الوطنية قبل أن تؤول إلى وكالة وطنية، أعدت دليلا لمعايير السلامة الطرقية بالوسط الحضري، اجتهدت في التبشير به وتعميمه، ولكن رجع صداه والعمل به ما زال باهتاً لا يرقى إلى مستوى اعتماده وتطبيقه.
ونخلص إلى القول: إذا كانت طموحات إستراتيجية 2017 ـ 2026 كبيرة، إلا أن مكاسبها تظل هزيلة،
وما لم يتم تسليط الأضواء على الواقع، والانشغال به، والتصدي لمشاكله ومعيقاته، والاكتفاء بتطوير أساليب التربية، ووسائل التواصل والتحسيس، فستظل معضلة حوادث السير ومخلفاته تراوح مكانها، بدلا من أن نكسب الرهان ونربح التحدي.