adsense

2019/08/10 - 3:07 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

صحيح أن طقوس العيد تختلف عن بعضها في الكثير من الشعوب والبلدان العربية والإسلامية ، لتعلق الكثير منها بالتقاليد والعادات الاجتماعية التي مهما اختلفت وتباينت طرق ممارستها خاصة بمناسبة هذا العيد بالذات ، فإن نحر أضحية ، يبقى هو العامل المشترك الذي لا خلاف فيه بين كل المجتمعات العربية والإسلامية جميعها ، الطقس الذي كان يسرني متابعته وإخوتي وأنا صغير والذي تحول إلى كابوس يقض مضجعي مع كل عيد حيت ولازلت أذكر ما كان يجره علي من لوم وانتقادات والدتي لي ،التي ما كانت ، رحمة الله عليها ، تكف عن التأففها من استئجار الجزارة الأغراب لذبح أضحية العيد ، و التحسر على " أيام زمان " حيث كان الناس يذبحون أضاحيهم في منازلهم وبأنفسهم تطبيقا لسنة النبي إبراهيم الخليل عليه السلام، وكم كانت ، رحمة الله عليها ، تلح علي الالحاح كله ، وتصر على أن اذبح خروف العيد بيدي بحجة كوني الابن البكر ، وتؤكد على أن فرحة الذبح لن تكتمل إلا إذا تمت على يد رب الأسرة ،الذي صرته بعد وفاة والدي ،رحمه الله ، وتحرص على ذلك كل الحرص ، وتستدل بالمثل المغربي الذي كثيرا ما كانت العامة تنسبه للنبي صلى الله عليه وسلم كحديث شريف: "اللي ما خيط كساتو ، وما ذبح شاتو ، موتو احسن من حياتو"..
وتحت ضغط إلحاحها والدتي واصرارها على أن أذبح أضحية العيد، ورغم أني لم أجرب يوما ذبح خروف ولا حتى دجاجة ، وما كنت أعرف "منين نبداه " كما يقال في دارجتنا المغربية ، فقد غامرت ، فبدأت بالتسمية والتكبير ووضعت الملح في فم الأضحية ، لا ادري لماذا ؟؟ لكني فعلت كما رأيت والدي  يفعل!!، نحرت الخروف بمساعدة إخواني وأخواتي ، وفي زهو كبير صحت فيهم جميعا "هاذ الشي ساهل " ، علق أحدهم: "إوا غير بلاتي ، في السليخ غادي يبان ليك لبلان " ، تكاتفت الجهود على نفخ الذبيحة وتعليقها على معلاق كان والدي رحمة الله عليه ، قد ثبته في الحائط لهذه الغاية ، وفي تحدِ سافر  بدأت السلخ الذي كان في الحقيقة محنة ومكابدة " للبوجاديين " أمثالي ، والذين لا يتقنون حرفة الجزارة ، كما هو حالي مع فن الذبح والسلخ الذي استغرق مني وقتا طويلا ، قارب الأربع ساعات توجتها بالاستعانة بجزار محترف ، ليُتم ما بدأت ، عفوا ، لإصلاح ما شوهت من الأضحية ، وذلك وفي اجواء عامرة بسخرية الإخوة والأخوات وتنكيت افراد العائلة وبعض الأصدقاء والجيران
أمام هذه الفرحة التي لا تخلو من معاناة ، ألا يجدر بنا الاعتراف بأن كثيراً من مشاكلنا ، مرتبطة في غالبيتها بعدم قدرتنا على تطوير عاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية وسلوكياتنا الخاطئة الراسخة ، وتحويلها إلى سلوكيات صحيحة تلعب دوراً في الحد مما تخلقه من معانات مجانية،  ومخاطر صحية وبيئية واقتصادية ، ونفكر في تنظم عمليات الذبح السليم دينيا وطبيا وبيئيا ، في المذابح "الكورنة" ، تفاديا لما تسببه عملية الذبح في المنازل من مخالفات قد تتسبب في. وما قد ينتج عنها من مخاطر صحية لا تحمد عقباها ، وتلويت للبيئة بما يلقى به في الشوارع والدروب من مخلفات الذبائح..