adsense

2015/07/12 - 1:56 م

سعيد شبري
قادمون من جنوب الصحراء، هدفهم الوحيد تخطي الجدار، أو بالأحرى السياج الفاصل بين منطقتين هما في الأصل جغرافيا وسياسيا منطقة واحدة لدولة ذات سيادة.
رصدهم مراسل القلم الحر في أماكن إقامتهم، و على مدارات الطرق، حيث يطلبون الإعانة من المارة راجلين وركاب، أجرى معهم حوارات عامة وحميمية كان منها:
بداية أقدم التحية و غالبا ما أجد التجاوب:
بون جور
بون جور موسيو، يرد بعضهم أو جماعة..
فأبادر إلى السؤال، من أين أنت أو انتم؟ أو من أين قدمت أو قدمتم؟
فأتلقى جوابا سريعا
ـ أنا من غنيا بيساو
أنا من غينا كونا كري
أنا من السنغال
أنا من مالي
أنا من ساحل العاج
أنا من ... 
أنا أنا ...
فلا أضيع الوقت اسأل ثانية:
لماذا أنت في المغرب؟
أتلقى الجواب الذي يكاد جميع المهاجرين من دول جنوب الصحراء يتفقون عليه:
ـ أنا في المغرب للعبور إلى أوروبا، خصوصا مع وجود سبته ومللية المحتلتين من قبل الاسبان، إنها بوابتنا نحو الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط حيث الحلم يتحول إلى حقيقة.
قال احدهم في خضم الحديث : نحن شجعان إفريقيا لسنا إرهابيين ولا متطرفين والإشاعات التي تنتشر من حين لآخر هنا وهناك ويبلغنا بها أصدقائنا و المتعاطفين معنا غير صحيحة،  قد يكون من بيننا مندسين وذوو نيات سيئة ولكننا في الغالب طيبون مثل غالبية الشعب المغربي،  نحن أيضا ضعفاء لكننا لسنا جبناء و لا نرضى المهانة، حقيقة نطمح في كرم المغاربة و نستسمحهم الإزعاج في الطرقات، لكننا مجرد عابرين مثل السحاب الذي يعبر الصحاري ولا يمطر، قطعنا كل هذه المسافة من اجل العيش الكريم لأسرنا ليس إلا.
ما أن وضع نقطة الختام لحديثه حتى بادرت المجموعة بالسؤال:
هل تعلمون أن الدولة المغربية فتحت للمهاجرين باب الحصول على بطاقة الإقامة؟؟ هل يفكر أحدكم  في الاستقرار بالمغرب؟؟
الجواب هنا اختلف من شخص لآخر و القليل منهم كانوا صرحاء لما أجابوا:
نحن أو أنا اعتبر المغرب بلد عبور، ووجودي هنا مؤقت ومرحلي من اجل استرجاع الأنفاس و التفكير مجددا في إجراءات القفز إلى عالم الرفاه، إما عبر السياج أو عبر مسالك أخرى.
باقي الأجوبة شعرت أن فيها مجاملة لي كمغربي، أو عدم ثقة في التصريح بكل شيء لأجنبي وهو سلاح يتميز به مهاجروا دول الجنوب ، عدم الثقة.
جواب آخر جاء فيه : للحصول على بطاقة الإقامة يشترط المغرب إثبات التواجد في المغرب منذ خمس سنوات، الذين قدموا بطرق مشروعة يمكنهم إثبات ذلك، لان جوازات سفرهم عليها خاتم و تاريخ الدخول إلى المغرب، لكن الإشكال مطروح بالنسبة للمتسللين عبر التراب الجزائري أو موريتانيا وهم أغلبية وليس لديهم ما يثبت، ولكن اعلم أن هناك بعض التسهيلات تقدم في الموضوع.
ابراهيمو من ساحل العاج اقتعد حجرا تحت نخلة لا تضلل إلا جزءا منه، منهمك في صنع لفافة حشيش، دون أن اسأله نظر في عيني مليا ثم قال :
تركت زوجة جميلة هناك وأربعة أطفال، في ساحل العاج لا  يمكنني أن أوفر لعائلتي التي أحبها الحياة التي ترغب فيها، لن اشتري بيتا، ولا سيارة، في حين إن تمكنت من بلوغ أوروبا فسيكون لهم كل ما يريدون.
قاطعته..
التفكير بهذه الطريقة يقتضي ضمان الطريق إلى اوروبا، أما و الحالة هذه فيمكن أن تتعرض لسوء، ويصبح أطفالك عرضة للأسوأ .
 فأجابني على الفور: سأنال شرف المحاولة، وانأ واثق أن أطفالي سيذكرونني بالحسن وسأبقى في نظرهم بطلا وربما يختارون نفس طريقي.
آخر سؤال حتى لا أزعجكم، أجاب بعضهم:
أنت مرحب بك..
 فسالت : هل تضايقكم السلطات المغربية؟ و كيف تدبرون حياتكم هنا بعيدا عن عائلاتكم؟
فكان جواب الكثيرين : المضايقات التي نتعرض لها الآن محدودة في الزمان و المكان، هي من قبل بعض الناس الذين يعتقدون أننا نشكل عبئا عليهم أما السلطات حاليا على الأقل فلا تضايقنا و في نفس الوقت لا تقدم لنا أي مساعدة، مثلا نقصد المستوصفات للإستطباب في الحالات المرضية العادية فنعامل مثل المحلين أو ربما أحسن بقليل، حيث نتمكن من الحصول على الأدوية مجانا، أما أذا تعرض منا احد إلى مرض يستدعي الاختصاص فإننا نجد صعوبات في ولوج هذه الخدمات، خصوصا في المستشفيات الجامعية، وبعد أن نصحنا احد المتعاطفين معنا بان نتوجه رأسا إلى قسم المستعجلات في مثل هذه الظروف، بدأنا في تعميم هذه المعلومة، ولكن من المفروض أن تكون هناك جهة ما لا اعرف كيف اسميها تهتم بتوجيهنا.
آما فيما يخص تدبير إقامتنا في المغرب، فكما ترى فاغلبنا لم يعد يتوفر على مال لإعالة نفسه، لذلك نلجأ إلى طلب المساعدة من الناس، وهناك البعض منا من فكر في عمل، لكنهم وجدوا صعوبات، أكثرها متعلق بالوثائق، وبعضها بالمضايقات من قبل بعض المحليين الذين يعتقدون أننا سنكون سببا في قطع أرزاقهم، خصوصا أننا نعمل بجد.