adsense

2022/03/17 - 5:41 م


 بقلم الأستاذة حسناء وهابي

بعد مرور سنتين أرسل لها رسالة" سلام! مريم، اشتقت إليك،اشتقت للحضن الحصين، للعقل الحكيم، للقلب البريئ، للجسد الناعم، للصدر الناهد، تذكري ذكرياتنا، تذكري التضحيات، تذكري صبرك ... ولتغفري"

قرأت رسالته باستياء، ونظرت لهاتفها بوجوم:"ماذا سأذكر؟ أأذكر الرفية التي جعلتها في فخذي؟ أم الندوب الغائرة التي مازالت في ساعدي؟ أم الركلة التي لازال أثرها في كاحلي؟ هاهاها آاااه نسيت، كان علي أن أذكر اختبائي تحت السرير وقضاء الليالي الحالكة فوق حصير مهترئ اتقاء شرك وهرعا من حر ضربك، علي أن أذكر فمي الذي كان يرتع الدم منه في الحرم الجامعي، وكذا اللطم القاهر فوق دراجتك الذي كان سيفدي بي إلى حادثة..أم أذكر المعاناة النفسية وارتيادي إلى مكتب المحامي، وتحمل أعباء التنقل وانبطاح أمي في المحكمة، ودمعة أبي الذي كان يهاب تهديدك؟ أأذكر المقدم الذي هو الآخر نصب علي وأخذ منحتي الدراسية؟ أم السارق الذي سرق هاتفي وذكرياتي الحلوة في الثانوية وكتاباتي؟ دون أن أنسى إهانة القاضي الذي شكوت له أمري ولم ينصفني، والطبيبة التي ضحكت على ملابسي ووصفتني بالإرهابية، والمحامي الذي لم يقدم الشهادة الطبية لإنصافي هاه؟ أأذكر الجلسات التي علقت بسبب تعمد غيابك؟ أم سأذكر الغياب الذي كان يسجلونه لي أساتذتي؟ أأذكر انقطاعي عن الدراسة وهي روحي؟ أم أذكر عراكي مع أخي وتأخر المنحة الجامعية بغية تسديد ديوني؟ بالله عليك قل لي ماذا سأذكر؟ لاأخفيك أن الطفلة اليانعة التي قطفتها ماتت منذ ليلة الزفاف، ولم تدفن جثتها إلا بعد سماع حكم التطليق للشقاق، فولدت طفلة من جديد.

كما لاأخفيك أنني عشت صراعات عظمى لوحدي فلكم بكيت، ولكم صرخت، ولكم تألمت من تهديدك وتأخر الطلاق وتقدم الامتحانات الربيعية، ولكم فرحت ولكم ابتهجت وسررت بالتخلص منك ومن طغيانك وطيفك.

فأغلقت هاتفها وحظرت رقمه وقامت بنظرة لحاضرها الجميل ولمستقبلها الزاهر، ثم قالت: رأفة بقلبي وصفاء لذهني" الله يسامح" فالله عوضني في محنتي وجعل من ضعفي قوة وزهورا.