adsense

2021/09/28 - 10:06 ص

بقلم: الدكتو فؤاد الغزيزر باحث في العلاقات المغربية الآسيوية

 يُصادف اليوم السابع والعشرين من شتنبر، ذِكرى عزيزة على قلب كل مواطن أذربيجاني ومناضل ضد الاستعمار في رياح المَعمورة، ألا وهي إحياء ذكرى الأبطال في أذربيجان، الذين قاتلوا ببطولة وشهامة منقطعة النظير في سوح المَعارك الفاصلة لتحرير المُحْتَل من أرضهم– الأم، ورفع العَلَم الوطني عليها.

 في خواتيم عَمليات التحرير، تم استرجاع إقليم قره باغ الذي احتلته أرمينيا منذ ما يَقرب الثلاثين سنة. استمرت الحرب أربعة وأربعين يومًا، أظهرت خلالها القوات المسلحة الآذرية قُدُرات عالية في الصمود من أجل تحرير الأراضي الآذرية من رِجس الاحتلال الأرميني. وبهذه المناسبة تُحيي جمهورية أذربيجان ذكرى انطلاق حرب التحرير.

عُرفت حرب قره باغ الجبلية عام 2020 عند الأذريين باسم "عملية القبضة الحديدية"‏.اندلعت هذه المعاركبين أذربيجان وأرمينيا في منطقة قره باغ الجبليةالأذربيجانية أصلًا فَصلَا، وقد اعتُبرتهذه الحرب الأخيرة في أتون نهايات الصراعمع أرمينيا الاستعمارية، والذي لم يكن قد تم حلَّهُفي منطقة يَعترف بها العالم أجمع على أنها جزء لا يتجزأ من الوطن - أذربيجان.

بدأت الاشتباكات حامية الوطيس في تلك المنطقة في صباح يوم 27 شتنبر2020، بعد مناوشات واستفزازات أرمينية على طول خط التماس في مرتفعات قره باغ، الذي أُقيم في أعقاب حرب قره باغ (1988-1994).

بعد تحرير القوات الأذربيجانية لشوشا التي تأتي في ترتيبها الثانية كأكبر مدن قره باغ، تم توقيع اتفاق يُنهي 44 يومًا من حرب طاحنة وغير مسبوقة في المنطقة منذ ثلاثة عقود، إذ وضع السيد رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف، ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توقيعهم على وثيقة هذا الاتفاق،والذي يقضي بوقف كل الأعمال الحربية في المنطقة، من الساعة 00:00 يوم 10 نونبر 2020 بتوقيت موسكو.

بموجب هذه الاتفاقية، استعادت جمهورية أذربيجان ما يُعادل خُمس أراضيها التي احتلت في الحرب السابقة، وتمكّنت بالتالي من السيطرة على ما يقرب من 60% من إقليم قره باغ، وتطهيره من آثام الأرمينيين، وانتقلت القوات الأذرية إلى تحرير مدينة شوشا الإستراتيجية التي تُطل على خانكندي، وهي تبعد عنها أقل من 15 كيلومترًا. إضافة إلى ذلك، تم تحرير خَمس مدن:فضولي؛ جبرائيل؛ زنكيلان؛ قوبادلي، والعاصمة الثقافية لأذربيجان - شوشا، ومدينتان هما – أغدام  وكالبجر،وذلك استنادًا على الاتفاق الثلاثي،إذ ضمنت جمهورية أذربيجان ربط أراضيها بإقليم ناخيتشيفان الذي كان مَعزولَا بشكل كامل عن أراضيها،برغم أنه يتبع لها، إذ كان الوصول إليه يتطلّب المُرور عبر إيران أو أرمينيا. كما ضَمنت أذربيجان عن طريقه اتصالَا جغرافَيًا مباشرًا مع تركيا من خلال شريط حدودي، يمتد على طول 23 كيلومترًا. وتم نشر نحو 2000 جندي روسي لتتمركز قوات حفظ السلام على طول مَمَر لاتشين بين أرمينيا و قره باغ.

 وأمام بشاعة الدمار ومُخلَّفات الحرب الاستعمارية الأرمينية فيقره باغ، أكد رئيس جمهورية أذربيجان في خطاب له، في إطار المناقشات العامة في الدورة 76 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، أن دولة أرمينيا تتحمل كامل المسؤولية عن العدوان العسكري الإمبريالي ضد أذربيجان،مُضافًا إليها الجرائم الأخرى. كما أخبر الجَمعيةالعامة بأن ما يُقاربالأربعة آلاف مواطن أذربيجاني أصبحوا في قائمة المَفقودين نتيجة حرب قره باغ الأولى. وأردف قائلًا: دمَّرت أرمينيا بشكل مُتَعمَّد كل المُدن والقرى في الأراضي المُحتلة في المُدة التي استمرت حوالي 30 سنة، إذ أتلف المُستَعمِرون الأرمينيون كل المَعَالِم الثقافية ونهبوها، وحوّلوها إلى نماذج تحطيم ومَحق للمُدن، واستئصال ثقافي بشع ربَّما لَم تشهد البشريةمنذ الحرب العالمية الثانية، أيّ شبيه له في حجمه وصفاقته بمحوالمُدن.

 فأثناء زيارته إلى المناطق المُحرَّرة يوم 12 يناير 2021، قال الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام  لمنظمة الإيسيسكو:المَشهد الذي رأيناه  في المناطق الأذربيجانية المُحرَّرة من الاحتلال، مأساوي في الحقيقة.

انتهت الحرب التي استمرت 44 يومًا في مواجهة أرمينيا المحتلة، بالانتصار الكاسح لأذربيجان عليها،إذ تجيّش الأذريون بعزمٍ وتصميم وشجاعة منقطعة النظير من لدن القائد الأعلى للقوات المسلحة، السيد رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف،فتم بحمد الله تحرير منطقة قره باغ من العدو بفضل حماسة وبسالة جيشه العتيد، والعزيمة القوية والإرادة الثابتة للشعب الاذربيجاني، الذي وقف وقفة رجل واحد يُدَافع عن كل شِبر من أرضه الطهور.

لقد وَلَّتْ معركة الـ 44 يومًا بانتصار ساحق وشامل بفضل هذه الوِحدة والتضَامن المتأصِّل بين القائد والشعب،فقد كان كل بيان يَدلى به السيد الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو يرفع العَلم الأذربيجاني خلال زياراته إلى المناطق المُحرَرَة، الدليل العملي على الوعد الذي قطعه سيادته للشعب منذ توليه رئاسة البلاد. لقد أدّت السياسة الحكيمة التي انتهجها سيادة الرئيس منذ توليه زمام الأمور في البلاد، إلى إقامة الدولة الأذربيجانية القوية وكان يُصرّح مٌعظِمًا هذا الانتصاربطردنا الأعداء من أرضنا، وفي تخليق واقع سيقبله الجميع، وأردف قائلًا: مَن يَعيشون في إقليم قره باغ حاليًا هم مواطنون أذربيجانيون، وهم سيعرفون أن حياتهم في كنف دولتنا ستكون أفضل. وبفضل هذا الانتصار الساحق، ستعمل أذربيجان على إعادة اعمار المناطق المُسترجعة، وتجهيز البُنيات التحتية، وهي تطبق أساليب إنشاء المدن المعاصِرة، ومفهومي المدينة الذكية والقرية الذكية، وتبني مدنًا وقرى جديدة. تنفِّذ أذربيجان كل هذه الأعمال من أموالها وبإمكانياتها المُتاحَة، وقد تم تخصيص 1،3 مليار دولار أمريكي لهذا الغرض في هذه السنة 2021م، وتحقيق طموحات ساكنيها في إطار خدمة المواطن الأذربيجاني.

زاد الرئيس الأذربيجاني قائلًا، الصعوبة الرئيسية إنما تتأتى من وجود الألغام الكثيرة التي زرعتها أرمينيا في الأراضي المُحرَّرة، إذ قتلت 30 مواطنًا اذربيجانيًا، بينهم صحفيان، وجرحت 130 شخصًا حتى الآن، وتُعتبر أذربيجان إحدى البلدان الأكثر تلوثًا بالألغام في العَالَم مَمَّا يؤخِّر عملية إعادة الإعمار في الأراضي المُحرَّرة وعودة النازحين إلى بيوتهم. وحتى الساعة، ترفض أرمينيا تسليم الخرائط الدقيقة للأراضي المُلغًّمَةإلى أذربيجان،لكن عليها أن تسلِّمها وِفق المواثق والقوانين الدولية.

 لقد كتب الرئيس إلهام علييف التاريخ من جديد، وبدأت بالتالي مرحلة خَلَّاقَة وإبدَاعيَّة في أذربيجان، وأصبح إلهام علييف رمزًا للنصر والبطولة بجمهورية أذربيجان!

وقد أعرب معالي السفير فوق العادة والمفوض لجمهورية أذربيجان لدى المملكة المغربية، السيد أوكتاي قربانوف، بهذه المناسبة عن تقديره للدعم السياسي والمعنوي الأخوي لأذربيجان من المَملكة المغربية، ومن جميع البلدان، بما فيها المُسَانَدة من جميع مكوِّناتها أثناء الحرب،ضمانًا لسلامة أراضي أذربيجان وسيادتها، كما أكد معالي السفير أن جمهورية أذربيجان حكومة وشعبًا لن ينسيَا هذا الدعم أبدًا.

وأردف قائلًا: اليوم يستطيع كل أذربيجاني أن يقول بكل اعتزاز وفخر:" قره باغ هي أذربيجان".