adsense

2021/09/18 - 11:02 ص

بقلم ذ. عبد العزيز بوناصر

إعلم وفقنـي الله وإياك أن طلب العلم رأس المطالب، وغاية الغايات، وقبلة القصاد، ومطمح الأنفس، ومعقد الآمال، ولذة العارف، ومرمى المريد، وكيف لا وبه تدرك النفس أسرارها، وغاية برئها واستخلافها، وسنن البارئ في حياتها، وسبل النجاة من بنات الدهر وصروفه، وطرق الانتفاع في العمل والكسب، إذ به تنال الرغائب، وتدفع المثالب، وترفع النياشين والمراتب، فصاحبه يفضل ذوي الدثور عزة وعطاء، ويخالط المفاليك لينا وتواضعا، ويلين في أيدي الأقارب توددا وتذللا، ويجتهد في العبادة طاعة وتبتلا، ويزهد في الدنيا انصياعا وتزلفا.

وإذا كان هذا حال المطلوب، فليعم الطالب أن بلوغه مرام دونه خرق قتاد، والزهد في العشيرة والأولاد، فما علمت شيئا تبذل فيه مهج العواطف

والنفوس، وذخائر الأموال والفلوس، ونفائس الأساور والحلل، وأثمان الأوقات والأزمان غيـره، وذلك لما يستلزمه من إخلاص النية في القصد والعزيمة، والصبر على كثرة التنقل والترحال، وقطع المفاوز والقفار، وجفاء المشايخ والأساتيذ، فالمثابرة والجد في الحفظ، والشدة والقوة في الأخذ، والفطنة والذكاء في الفهم، وسلوك الدرب القويم في التنقيب والبحث، واللباقة والكياسة في النهل، والتحلي بالأدب عند الاختلاف وسوء الفهم، فما أبعد العلم عن أهل النوم والكسل، وما أقربه من أهل المكابدة والعمل، ومما قد جاء في الحكم، أتعب قدميك فإن تعبا قدماك.

واعلم بارك الله فيك أن العلم لا ينال بالتسويف والأماني، والتأجيل والتواني، إذ لابد دون الشهد من إبر النحل، فمن

 المحال التسوية بين الميت الساكن والحي المتحرك، وبين ذي الهمة العالية، والخامل المقصر،

 وأما إن كنت ممن وفقه الله إلى التحلي بحلل العلم، والازديان بصفته والدخول في زمرته، فكن فيه نعم الأهل بالحمد والشكر، والعطاء والبذل، والخلق والتأدب، فإنه أمانة أنت عن جهة صرفها مسؤول وعمل الخيـر فيها ملزوم ولتعلم رعاك الله أن أرباب العلم على مر الزمان محسودون، فإن نالك من ذلك شيء فإياك أن تكون عن منهجك ميالا ولا عن سمتك نزاعا،  ولا عن شرفك نازلا.

هذا ووفقنـي الله وإياك  إلى العلم، جماع ما يستدعي الأخذ والطلب، وحاصل ما يلزم المريد والطالب، فإن كنت ممن يرجو النجاة، فاسلك مسالكها وسبلها، فما علمنا يوما بسفينة تجري على اليبس.