adsense

2021/08/28 - 1:52 ص

بقلم عبد الغني  فرحتي

" هكذا، معشر الصحافيين والإعلاميين، لم نجد بدا من اتخاذ قرار المقاطعة بناء على العديد من الدلائل الدامغة التي تؤكد تورط الجار في المس بالمصالح الحيوية للوطن".

ــ " اسمح لي، نحن كإعلاميين ومتتبعين، نريد بالفعل أدلة وقرائن، لكن ما قدمته خلال هذا المؤتمر الصحفي، لا يعدو أن يكون مجرد اتهامات واتهامات".

ــ " هل كنت مستغرقا في النوم عندما كنت أسرد عليكم هذه الأدلة والقرائن ".

ــ " لا يا سيدي، أنا تابعت بتركيز شديد. أنتم لم تأتوا بجديد، اكتفيتم بقراءة وسرد اتهامات مكتوبة مكرورة معروف من يقف وراءها، اتهامات تفتقر إلى الدليل. اسمحوا لي، لم أكن أنا المستغرق في النوم ولا أنا الذي أفيض بهذه الهلوسات والأوهام".

ــ " ما ذا تقول، يلعن .... ، هلوسة، أمسكوه، ألقوا عليه القبض، إنه مرتزق  وعميل للعدو مندس بيننا. أليس في هذا ما يثبت تورط الجار في كل ما يحصل لنا. فهذا العميل الماثل أمامنا، كان متابعا من طرف مخابراتنا منذ مدة طويلة، وقد كشفت الأبحاث الدقيقة أن دمه أحمر، نعم دمه لونه أحمر !! والفاهم يفهم".

  تبادل الحاضرون من الإعلاميين والمتتبعين نظرات الدهشة والاستغراب وهم يتحققون فعلا من أن أقاويل هذا المسؤول ضرب من الهلوسة، وهموا بمغادرة المكان لولا خوفهم من بطش عناصر الأمن الظاهرين والمستترين. ساد الصمت لدقائق، قبل أن يتدخل أحد البيادق الإعلامية ليقول متزلفا:

ــ " يحسدوننا يا سيدي، يحسدوننا. كنا الصوت لثلث ساكنة العالم عبر المحافل الدولية. الدول الإفريقية تتودد لنا وتحلم بالقرب منا. لنا أفضل نظام صحي في العالم، وما سفر قادتنا للخارج من أجل العلاج إلا رغبة منهم في ترك أسرة مستشفياتنا للفئات الفقيرة. وهذا لعمري، قمة الإيثار والتضحية. نعم، سنظل نكرر، إنهم يحسدوننا".

ــ " صدقت، أيها الإعلامي الشريف، يحسدوننا، ألسنا نحن من أبدع الكسكس والقفطان وو,, بل إن أحد فقهائنا الأجلاء كان قد كشف عن رؤية لأحد الشيوخ العارفين الجزائريين، كان قد سأل فيها رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام عن أحب الأماكن له بعد مكة والمدينة، فكان جوابه صلى الله عليه وسلم، حسب قول هذا الشيخ: "الجزائر، الجزائر، الجزائر".

 صفق بعض الحاضرين، لكن الصحافي الأول، ورغم أن الضباط أحاطوا به ينتظرون لحظة الإمساك به، صاح مجددا:

ــ أرجوكم، أرجوكم سيدي، أجدد طلبي بالكشف عن الأدلة لما ذكرتموه من اتهامات عوض محاولة إلهاء الناس بأقاويل وأوهام تبعث على السخرية والاستغراب".

ــ " اسمع، أيها العميل، وليسمع أمثالك، تلك النار التي استعار لهيبها بمنطقة القبايل، أتعرف من وراءها؟"

ــ " تعود، بلا شك، إلى ارتفاع درجات الحرارة التي بلغت أرقام قياسية هذا العام. والحرائق لم تمس البلد وحده، بل إن كثيرا من البلدان من مختلف القارات عرفت حرائق مماثلة. لكن هذا البلدان لم توجه الاتهام لأي عدو خارجي. إن الحرائق ظاهرة طبيعية، وما هو غير طبيعي ألا نتوفر على تجهيزات لإخمادها".

ــ " أنت عميل، فطبيعي أن يصدر عنك مثل هذه الترهات. اسمع، لقد ثبتت مسؤولية الجار. لن أكتفي هنا بالاتهام بل سأقدمك لك الدليل على تورطه، بمساعدة عملاء محليين أمثالك. لقد كشفت الأبحاث والتحريات عن الحرائق التي أصابت منطقة القبايل كانت في البدء ظاهرة طبيعية فعلا، لكن النار اشتد سعيرها وامتد لهيبها بفعل فاعل، نعم بفعل فاعل. لقد قادت الأبحاث إلى وجود بقايا روابيبز في عين المكان. وإذا كان الرابوز من صنع مغربي، فهذا الدليل الصارخ على مسؤولية الجار فيما حصل، أتريدون قرينة أكثر قوة من هذه؟؟؟".