adsense

2017/09/29 - 12:07 ص


بقلم الأستاذ حميد طولست

الشهوة هي الرغبة الملحة القوية ، والنزوع النفسي الشديد نحو التمتع باللذات ، وتعد ممارسة الجنس التي فطر عليها الإنسان،  هي من أقوى الشهوات ، وربما هي أهمها وأخطرها على الإطلاق ، ما حولها في الوعي الإنساني من هدف روحي إلى مجرد رغبة حيوانية ، إذا هي كبتت ولم يتم تهذيبها وفقاً لنظريات التربية الجنسية الحديثة التي أثارت الدعوة إليها مؤخرا في بلادنا جدلا عارما ، وخلفت تحرّكا ملحوضا على مواقع التواصل الاجتماعي ، فرق المجتمع المدني حولها بين معارض يعتبرها مروق وخروج عن الدين والأخلاق ، وبين مؤيد مطالب بتقنين تدريسها للأطفال بقطع النّظر عن رأي الفقه ، الأمر الذي سوف لن أتطرق له في مقالتي هته ، رغم أنها ضرورية ، وحتمية كمادة أساسية  لا تقل أهمية عن أي تربية أخرى في المنهاج المدرسي ، لنشر الوعي الجنسي كوسيلة للحد من انتشار جرائمه التي انتشرت أنتشارا خطيرا بين الأطفال بلادنا الذين لم يتلقوا هذا النوع من التربية عن أباشهم ، أو عبر البرامج الدراسية أو عن طريق برامج التربية الدينية والتوعية الصحية ، ما نتج عنه ظهور جرائم مفرطة في البشاعة لا يمكن ان يقرها عقل واعي وضمير حي، وانتشرت ظواهر مثل زنا المحارم وخطف واغتصاب الأطفال كما في حادثتي "فتاة الطوبيس" و"حمارة سيدي قاسم" وغيرهما كثير من الجرائم الجنسية ، التي لن أدخل في متاهاتها المعقدة ، وسأكتفي بالتطرق لبعض الدراسات الطريفة المتعلق بالعلاقة الجنسية -كنشاط رئيسي لجميع الكائنات الحية التي لولاه لما كانت هناك حياة على كوكب الأرض- التي اهتمت احصائياتها بعدد المرات  التي يقوم بها الإنسان السوي بالعلاقة الجنسية ، في السبوع والشهر تم في العام ، والذي حصرته الدراسة الطريفة في متوسط عالمي عام هو أكثر قليلا من علاقتين في الأسبوع ، و 8.7 علاقة  في الشهر، بمعدل 105 علاقة جنسية في العام، العدد الذي إذا ضُرب ، في 50% من السبعة مليار نسمة من ساكنة الكرة الأرضية ، أي 3 مليار ونصف المليار من الذين يقيمون 105 علاقة جنسية مستقرة ، سنحصل على 192 مليار علاقة جنسية تقام كل سنة بين البشر،  مع العلم أن عدد الـ105 علاقة جنسية في العام ما هو إلا متوسط عالمي، يمكن أن  يتغير من منطقة إلى أخرى ، كما أظهرت الدراسات والإحصائية -التي لم تمسح كل المناطق - أن اليونان والبرازيل جاءت في مقدمة الممارسين الذين يتخطون ذاك العدد ليصلوا إلى حوالي 150 علاقة في السنة ، بينما احتلت اليابان مؤخرة القائمة بـ48 علاقة فقط في العام.
والطريف في هذا الدراسة أنها لم تتوقف عند حد إحصاء عدد المرات التي يمارس فيها ساكنة الأرض علاقاتهم الجنسية واختلافها من منطقة إلى أخرى من عالمنا ، بل اهتمت بنوعية تلك العلاقة، وهل هي مرضية للطرفين؟ وما كم تستغرقه الواحدة منها ؟ فجاء المتوسط العالمي العام لمدة العلاقة الجنسية الواحدة هي 15 دقيقة ، وأتت نيجيريا في المقدمة بأربع وعشرين دقيقة، لكنه –حسب علماء النفس-متوسط غير مرضي على الإطلاق ، رغم طول مدة العلاقة ، لأن ما يعطيه كل طرف للمداعبة خلال الممارسة من تقبيل ولمس يعد قليلا جدا إلى منعدم ، الأمر الذي يحدث الكثير من الجفاء الجسدي بين طرفي العلاقة ، على المدى الطويل ، و يجعل المتوسط العالمي لرضا النساء عن علاقتهن الجنسية بشركائهن صادما ، حيث لا يتعدى 7.4% فقط من النساء و92.6% الباقية تتوزع بين عدم الرضا ، وعدم الرضا الكامل، والشعور بالإغتصاب ، كما هو الحال في الكثير من البلاد العربية ، التي لا يقيم الرجل والمرأة فيها حوارا حقيقيا عن علاقتهما الجنسية ، على اعتبار أنها طابوهات وموضوعات مسكوت عنها، ويفضلان العيش معها في حالة من الرياء والخداع على النفس قبل أن يكون ذلك موجها للآخرين ، مع تصور كل منهما ، أنه "بوعروف" في علاقاته الجنسية بشريكه ، بينما الحقيقة أن كلاهما لا يعرف عنها ومنها سوى القشور التي لا تفيد أي منهما ، ويستعملان على الأرجح حوارا مبتورا ، يمارسان خلاله الكذب في كل ما تعلق بتلك العلاقة الحميمية ، التي تشير أصابع الاتهام إلى أنها السبب الرئيسي في فشل العلاقات الزوجية ، ووراء زيادة معدلات الطلاق ، التي وصلت ، أو قاربة في الأعوام الأخيرة ، نصف حالات الزواج في الكثير من المناطق العربية المتدينة جدا، والتي لا يُتعلم في مدارسها إلا بالدين والفقه بكل إنتاجاته الغزيرة ، لكن لا يُهتم في مدارسها بالتثقيف الجنسي الممنهج ، والذي يقتصر عندهم فقط على كل ما تعلق بالفحولة  وقوة النكاح ، وطول وقصر الأير ، الواردة الكثير من نصوصها في مؤلفات المتقدمين ، التي منها على سبيل المثال “نواضر الأيك في معرفة النيك” و”الايضاح في علم النكاح” و”الوشاح في فوائد النكاح”و “تنويع الوقاع في أسرار الجماع”. و“الروض العاطر في نزهة الخاطر” وغيرها من المؤلفات البعيدة كل البعد عن التربية الجنسية الحديثة بمفهومها الواسع ، الذي يشمل التشريح الجنسي والتكاتر الجنسي والجماع والصحة الجنسية والعلاقات العاطفية ومسؤوليات وحقوق التناسل وتحديد النسل، والتي ما زالت ، مع الأسف، مثار جدل لدى بعض الأوساط المتحجرة هداها الله إلى ما فيه خير أطفالنا..