adsense

2016/09/11 - 11:35 م


بقلم الأستاذ حميد طولست
في مثل هذه الأيام من كل عام، يزدحم الناس في أسواق الأغنام أملا في الحصول على أضحية تستوفي الشروط الشرعية والاقتصادية ، وترضي طموح الزوجة  المتباهية ، وتنال إعجاب الأطفال امتباكية ، وفي مثل هذه المواسم يعلن التفاوت الطبقي عن ضراوته ، ويكشر التميز الفئوي عن أنيابه ، فترى الغني الميسور غير آبه بتكاليف العيد ونفقاته التي تضيع معها مجاديف الفقراء ، ويئن تحت سياطها المغبونون ؛ و في جو "التعياد" يعيش الميسورون فرحة العيد بكل تجلياتها، مطمئنين سعداء بأكباشهم السمينة القرناء ، ولذائذ حلوياتهم الشهية المتعددة النكهات ، ينعمون بتقافز أبنائهم من الحبور والغبطة ، في حين يرزح خاوي الجيوب في غم التفكير في كيفية جلب خروف يُسكت تصايح أطفال محرومين، إستبد بهم الشوق لشبع من لحم طري لذيذ غاب عنهم العام بطوله .
يحتار الفقير في أمره ، ويتيه المعدم في كيف يدخل الفرحة على عياله ،  يقلب النظر في أرجاء مسكنه  الذي لم يؤدي بعد واجب كرائه، ثم يرجع البصر كرتين فيرتد إليه النظر خاسئا وهو حسير من خواء بيته من أي متاع  يباع، تلفزة مهترئة كثيابه، دولاب معطوب كأيامه، حصير مثقوب كجيوبه، لاشيء يمكن أن يباع أو يقايض، ولاشيء في هذا الجحر يمكن أن يرهن على الإطلاق اللهم الأولاد ! فمن يشتري الأولاد؟؟ وهم كثر في هذا البلد السعيد !! بعد تفكير عميق، وتمحيص ، لمعت الفكرة الجهنمية ، فقرر الإنتحار تفاديا للعار، واتقاءا لصياح الصغار، و"نكير مولات الدار" .
إرتدى ثيابه الحائلة، ومسح حذاءه المنخور بطرف سرواله المبهدل، وخرج مهرولا ليلقي بنفسه  إلى التهلكة، واضعا حبل شركات السلف حول عنقه لشنقوه شهورا طويلة مقابل ، إرضاء لزوجة فشارة ، والأولاد مغيارة، فيالها من فرحة تعسة ، تعاسة مفرحة.