adsense

2015/05/29 - 7:06 ص

Résultat de recherche d'images pour "‫صورة مرتشي‬‎"

لم يعد القطاع العمومي وحده الذي يعرف انتشار جرائم الرشوة واستغلال النفوذ، بل أضحى القطاع الخاص –قطاع الأعمال والمقاولات- الأرضية الخصبة والمجال الواسع لهذه الجرائم فلم يعد الموظف العمومي وحده الذي يرتكبها، بل هناك أشخاصا طبيعيين أو معنويين يرتكبونها، وتشكل بالتالي جزءا لا يتجزأ من نشاطهم الوظيفي، إن على مستوى التحكيم، الشركات، المصحات... بل وفي مجال يوجد فيه هؤلاء في علاقة تبعية أيا كانت أهمية المهام التي يقومون بها وشكل التعويض الذي يتلقونه. وتعتبر جرائم الياقات البيضاء جرائم تجب في محتواها كلا من جرائم الرشوة واستغلال النفوذ المرتكبة تحت مظلة الأعمال، لذلك باتت من أبشع أنواع الجرائم وأكثرها فسادا وزعزعة بالاقتصاد الوطني. المشرع المغربي لم يعرف الجريمتين بل اكتفى بتنظيم كل منهما بنصوص خاصة فقد نظم الرشوة في الفصول من 248 إلى 256 ق.ج، وأفرد لجريمة استغلال النفوذ الفصل 250 ق.ج. لهذا يجب الركون لتعريف الجريمتين إلى بعض التعاريف التي وضع الفقه، وإن كان جلها يتفق في العناصر المكونة للجريمة، فقد عرفها البعض بأنها "اتجار الموظف بأعمال وظيفته وإخلاله بواجباته الوظيفية وجعلها مصدرا للكسب غير المشروع"أما جريمة استغلال النفوذ فيمكن تعريفها بأنها "استغلال نفوذ حقيقي أو مزعوم للجاني على المختص في العمل أو الامتناع عن العمل"، وهو ما أكدته الحياة العملية بحيث لم يعد اقتضاء المقابل يقتصر عن أعمال الوظيفة الشخصية، وإنما قد يتجر بعض الأشخاص بنفوذهم فيأخذون مقابلا لسعيهم إلى من يباشرون عليه هذا النفوذ ويحملونه على تلبية رغبة من أخذوا منه المقابل. ولعل ما يزيد هذه الجرائم انتشارا في قطاع الأعمال، هو ذلك القصور التشريعي الذي تعرفه السياسة الجنائية المعتمدة على ثنائية جريمة الراشي والمرتشي، دون الأخذ بعين الاعتبار كلا من المكافأة اللاحقة والوساطة على اعتبارهما أفعالا يمكن إلحاقها بالرشوة لتحقيق الردع الكافي والكفيل بحماية النظام الاقتصادي بشكل عام. فإلى أي حد استطاعت النصوص الجنائية التقليدية الحد من الجريمتين خاصة في قطاع الأعمال؟ وهل تستوعب هذه النصوص مختلف الأفعال التي يمكن اعتبارها جرائم ملحقة بالرشوة؟ من خلال الإجابة عن هذه الإشكالية يتبين أن هذا الموضوع ذو أهمية بمكان حيث تتجلى في أهمية نظرية وأخرى عملية، فالأولى تتمثل في الحديث عنه في مجال الأعمال، أما الأهمية العملية فيمكن ربطها بالتطورات التي يعرفها ميدان الأعمال، التي استتبعها تطور نسبة الجريمة المرتبطة به.