adsense

2020/11/24 - 7:42 م


بقلم الأستاذ حميد طولست

ما أغرب فرح بعض الجماعات المتأسلمة بسقوط اليميني "ترامب" ، وأغرب بتفاؤل الكثير منها - وعلى رأسها "الإخوان المسلمون" - بصعود اليساري أو الليبرالي جوزيف "بايدن" ، ظنا منهم ، أو خداعا لذواتهم ، بأنّ سياسة الولايات المتحدة تتغير بتغير رؤسائها ، وأن "بايدن" سيناصرهم في عدائهم لأهاليهم من أبناء أوطانهم العربية المسلمة التي يرغبون في الهيمنة عليها والسيطرة على خيراتها ، التي لا يتورعون في اقتراف كل أنواع الجرائم الكفيلة بضمان تلك الهيمنة ، واستعمال جميع الأسلحة لإدامتها ؛ وهم يعلمون أنّ للسياسة الأمريكية قواعد راسخة لا تتغير ، سمتها الغالبة - منذ قرن من الزمان على أقل تقدير - هي الانحياز السافر لإسرائيل ومعاداة الحقوق العربيّة ، وأن الإدارات الأمريكيّة المتعاقبة لم تحد قط عن تلك الثوابت والقواعد المتحكمة فيها -والتي تبدو في ظاهرها مثالية ومشبعة بـ"القيم الأخلاقية" خاصة فيما يتعلق منها بأمن العالم وسلامه وديمقراطيته- والمرتكزة على المصلحة الأمريكية ، والهيمنة الاقتصادية، والنفوذ، والسيطرة ، التي تجعل الفارق بين سياسات رؤساء الولايات المتحدة ومن بينهم "بايدن وترامب" ، طفيفا جدا ومنحصرا في الأداء أو طريقة تحقيق الهدف الأساسي الذي لا يخرج ،عندهم وجميع الشعب الأمريكي ، عن حماية مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في كل العالم وتقديمه على كل الاعتبارات الأخرى ،إلا مصلحة إسرائيل ،الذي لا يختلف حول جوهره أي رئيس ديموقراطيا كان أو جمهوريا ، 

بخلاف أهداف التيارات والأنظمة والجماعات الإسلاموية ، التي لا يهتم رجالاتها -المتنكّرين في مسوح المخلصين المصلحين المدافعين عن الدين وقيمه الإنسانية - بما ينمي أوطانهم أو يرقي شعوبها ويعزيز قيمة إنسانية مواطنيها ، ولا يهمهم إلا الوصول للهيمنة على السلطة التي لا يتورعون - إذا ما حال بينهم وبينها حائل ، -في التحالف مع الشيطان والإستقواء بالأجنبي لقتل المخالفين من أهاليهم وأبناء أوطانهم المسلمة التي يدّعون الانتماء لها ، كما هو حالهم رئيس أمريكا الجديد"بايدن" ، الذي هم يوقنون أنه لن يحيد قيد أنملة عن الانحياز لإسرائيل ، بدليل ما سبق وأعلن عنه بوضوح في خطاب ترشحه للانتخابات الرئاسية لعام 2007 حيث قال:"أنا صهيوني"، وقوله أيضا : " لو لم تكن إسرائيل موجودة لقمنا باختراعها"، دون أن ننسى قولته الشهيرة :" ليس على المرء أن يكون يهوديا ليكون صهيونيا".

الأمر الذي لا يجعل من تفاؤلهم بمن يعتبرونهم كفرة وملاحدة فعلا مثيرا للدهشة والغرابة فقط ، بل يجعله أمرا صادما وأكثر سخفاً وسفاهةً وأعظم ومخالفة لقوله سبحانه وتعالى:" ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون" [المائدة:80 ، 81]. الذي ينطبق عليهم تمام الانطباق ..