adsense

2019/04/07 - 7:22 م

بقلم عبدالرحيم الحياني
قبل أن ننطلق في سلسلة كتاباتنا بدءاً بالحقيقة أولاً والهادفة إلى تقديم تشريح موضوعي لحصيلة عمل حزب العدالة والتنمية على مستوى جماعة فاس ثم الجماعات الترابية الأخرى وصولا إلى حصيلة الأداء البرلماني والحكومي.. لابد من توضيح جملة من المعطيات.
صحيح أن البلد قد توارثت وضعا صعبا أسهمت الأحزاب بنصيب كبير في تكريسه وتزكيته وشرعنته أحيانا ما خلق تراكمات من الإحباطات والفشل على مستوى جل القطاعات نتيجة فشل السياسات العمومية في الصحة والتعليم وووو وارتهان البلد لإشتراطات المؤسسات الدولية المانحة.
هذا الوضع قاد بالضرورة إلى خلق حالة عزوف ونفور بين عامة الشعب ومختلف المؤسسات بما فيها مؤسسات الوساطة الاجتماعية (الأحزاب والنقابات) التي اعتبرها الشعب الواجهة الأكثر بشاعة لكل المتواطئين ضد حقه المشروع والكريم في حبة أسبيرين وقلم حبر ولقمة خبز و وسادة...
20 فبراير بامتداداتها الإقليمية شكلت محطة لتفجير الغضب الشعبي المكبوث على أرضية مطالب اجتماعية واقتصادية وسياسية واضحة.. الشارع تخلص من وصاية الأحزاب ورفع مطالبه ووجه سهامه لرموز بعينها اعتبرها المسؤولة عن تجويعه وتفقيره وسجنه... كان حراكا راقيا محتكما لصوت العقل محترما لتوابث البلد لكن تمت سرقته في الظلام.
بعد هذا التوضيح الموجز سنشرح الآن لماذا تجاوز الغضب والرفض الشعبي لحزب العدالة والتنمية كل الرفض للأحزاب الأخرى، ولماذا لا يجب على حزب العدالة والتنمية أن يبرر فشله في التدبير من خلال الهروب إلى مقارنة فشله بفشل التجارب الأخرى.
أولاً. حزب العدالة والتنمية أسس مشروعيته على خطاب أخلاقي محض يمتح من المرجعية الإسلامية (دين الأمة) فمقولة من قبيل "غرغري أو لا تغرغري" سيكون لها وقع السحر على وجدان العامة التي يشكل الدين أساسا للاشعورها الجمعي، وبالتالي الناس صدقت وآمنت وصوتت للعدالة والتنمية باعتبار الرمزية الأخلاقية الفارقة التي سوق نفسه بها داخل حقل سياسي سِمته الفساد والدونية. لذلك لا تقبل الجماهير مقارنة حزب العدالة بغيره من الأحزاب لأنه خدعها بالدين لا بخطاب سياسي نسبي ذي مرجعية وضعية... ولهذا نفهم حجم امتعاض الناس من كل الممارسات المنافية لأسس الخطاب الديني التي تورط فيها أعضاء من الحزب وحركته (قصة حماد، يتيم، الشوباني، ماء العينين...) هذه السلوكيات التي قد تبدو مقبولة من طرف فرقاء آخرين مشكوك في منسوب تدينهم، يرفض الشارع بالمطلق أن تصدر عن مناضلي حزب اختاره الشارع ليحمي الأخلاق ويقدم إجابات موضوعية عن إشكالات الواقع التي كان الحزب يعتبرها ذات أصل أخلاقي أساسا.
ثانيا. حزب العدالة والتنمية ركب على حراك الشارع وأجهضه لصالح أطروحته البديلة.. فخلال حراك 20 فبراير كان الزعيم المكوكي بنكيران يقطع البلاد طولا وعرضا محاولا محاصرة الحراك مقدما نفسه بصفة المنقذ لذلك كانت نقمة الشارع على الحزب أكبر عندما اكتشف خدعة التواطئ التي مارسها الحزب لاستمالة الجماهير نحو خطابه وضرب الحراك حماية للوبيات الفساد التي طالب الشارع بإسقاطها.
ثالثا. عكس كل الأحزاب الإدارية التي توالت وتناوبت على حكم البلد، بنى حزب بنكيران مشروعه الإصلاحي على حساب فئة واحدة هي الطبقات الكادحة، التي وجدت نفسها مجبرة على ضبط التوازنات الماكرو- اقتصادية من جيبها المثقل والمنهوب أساسا.. بنكيران الذي انقلب عليه حلفاء الظل لم يستطع أن يكشف أمام الشعب حقيقة الصفقة التي قادته إلى رئاسة الحكومة وطبيعت الضمانات التي قدمت له، اكتفى فقط بخطاب حديقة الحيوانات ليهرب فشله نحو جيوب المواطنين فكان بذلك حزب العدالة والتنمية -وتحت يافطة إنقاذ موازنات البلد- الحزب صاحب أكثر القرارات اللاشعبية في تاريخ المغرب المعاصر (الإجهاز على صندوق المقاصة دون بدائل شعبية، قانون التقاعد المشؤوم، تعطيل الحوار الاجتماعي والإقتطاع من الأجور بدل الزيادة فيها، ضرب الحق في الإضراب، ضرب مجانية التعليم، زيادة الاقتراض الخارجي، الزيادات المهولة في الأسعار، التواطئ مع لوبيات المحروقات على نهب المواطنين، طمس هوية الأمة من خلال التواطئ مع إعلام الميوعة ومهرجانات الميوعة وفرنسة التعليم، الردة الكبيرة في المجال الحقوقي وخير دليل ملفات الريف وجرادة وزاكورة، ضرب الحق المشروع في التوظيف من خلال المرسومين المشؤومين وبعدها نظام التعاقد الهش و لائحة جرائمه طويلة...)
حزب العدالة والتنمية قبل بطواعية أن يلعب دور دفتر الوسخ من أجل تمرير جميع القرارات اللاشعبية وليس آخرها القانون الإطار للوظيفة العمومية الذي سيكون آخر قانون سيمرر بأفواه هذا الحزب قبل أن يرمي به إلى مزبلة التاريخ.
ومع ذلك يصر منتسبو الحزب على رفع شعار الطهرانية من خلال مقولة اليد النظيفة رغم الثراء الفاحش لأغلبهم جراء الريع السياسي، وبدورنا نتساءل. ما الفرق بين اللص وحارس اللص؟ في عشرين فبراير وقفنا وجها لوجه أمام الفساد فجاء حزب العدالة والتنمية ووقف في الوسط بيننا وبين الفساد وبعدما انقشع ضباب السنوات العجاف اكتشفنا أن الحزب الذي أوهمنا بمحاربة المفسدين كان يؤسس لهم الإطارات الشرعية لممارسة فسادهم في هدوء بل و تكتشفنا أنه رأس الفساد.بينما نحن ندفع فاتورة الإصلاح المعطوب من عرقنا.. الحزب بسياسته الإنبطاحية الإنتهازية العدوانية و انعدام الكفاءة لدى أغلب قيادييه.زاد من تأزيم الأوضاع والإحتقان وفتح مستقبل البلاد على المجهول وآن أوان رحيله.
لا تجعلوهم يوقعوكم في فخ المقارنة البئيسة.. شباط وأمثاله تاريخهم معروف والسياقات التي أفرزتهم وحمتهم معروفة.. لكن من خدعنا بالدين انخدعنا له إلى حين، (يتبع)..