adsense

2022/11/05 - 10:47 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست

ــــ على هامش القمة العربية 31

 المجاملة أمر رائع ، والعمل بها من واجبات اللباقة وليس من مستحباتها فقط ، اذا كانت بدون إفراط ولا تفريط ، لأن المبالغة في ممارستها على حساب الحقيقة وجعلها بغير وجهتها بإدعاء ما ليس في الأحداث والمواقف ، وتضخيمه وتؤويله ، يحولها إلى وجه من أوجه الكذب والنفاق ، في جميع المواضيع والحيثيات ،التي يراد بها ترضية هذا أو ذاك ، أو اقناعه ، أو فرض الرأي عليه، أو تشويه حقيقة ما، بالتعريج او التعريض أو التلاعب بالتاريخ ، من أجل الحصول على ريع أو إمتياز، كما تجلى ذلك واضحا في تصرحات مسؤولي الجزائر على اختلاف مستوياتهم ، والتي خلت في عمومها من الذكاء والثقافة الدبلوماسية والاتزان الانفعالي ، إضافة إلى افتقار أصحابها لأسلوب الأداء وعدم امتلاكهم لمهارات التأثير بالآخرين من أجل تحقيق الأهداف وتبليغ الرسائل بالشكل المنطقي ، والسبل الملائمة  ، والتي لا يحدد عدم تناسبها وتلاؤمها مع الواقع نوعية التعامل وحجمه فحسب ، بقدر ما يحدد بُعدها عن المواقف الديبلوماسية الدولية ، ويجسد شخصيات المصرحين من ناحية المؤهلات والمواهب وحتى القوى العقلية المعانية من  أخطر العقد النفسية ، التي على رأسها عقدة المغرب "المروك" ، الذي أصر تبون وزبانيته خلال القمة العربية المنعقدة في بلاده ، على تجاهل ما قدمه المغرب، ملوكا وشعبا، من دعم غير مشروط للثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي ، والذي يظهر بشكل فاضح في تصريح رئيس مجلس الأمة الجزائري المشيد بدور قطر في تحرير الجزائر والذي قال فيه: "قطر لم تدخر جهدا في تقديم يد العون للجزائر من أجل استرجاع حريتها وساندت نضالنا التحرري منذ بدايته بكل الوسائل!!!!!!!!

‏مع العلم أن التاريخ يؤكد على أن استقلال الجزائر تم سنة 1962 ، بينما كانت قطر إحدى المشيخات الخليجية المكونة من قطر والبحرين وأبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان والفجيرة ورأس الخيمة وأم القيوين  ، ولم تستقل إلا في سنة  1971 ، الإشكال الذي يحيل إلى أمرين مؤسفين لا ثالث لهما ، الأول هو : افتراض أن السيد رئيس مجلس الأمة الجزائري لا يعرف تاريخ استقلال البلاد التي يرأس مجلس أمته ، وهذه مصيبة "بجلاجل" كما يقول المصريون عند الوقوف على الكارث العظمى، أو أنه غير ملم بتواريخ الشعوب التي يتعامل معها من منطلق منصبه الحساس ، وتلك مصيبة وكارثة أكبر وأعظم ولا تكفي فيها كل "الجلاجل" المصرية وأجراس كل البلاد العربية ، والأمر الثاني هو أن تلك التصريحات فضحت اصرار الجزائر على معاداة المغرب وعرقلة ما يعرفه من تطور وتقدم ، وتطويعه للظروف والعقبات والمعوقات الصعبة ،وتحويل  حتى التي في غاية السوء والإحباط منها ، إلى منح ونجاحات أوغرت أنفسهم الحاقد ودفع بهم إلى لوم "المروك" وتحميلهم أسباب فشلهم في ادارة ما لديهم من فرص ومزايا كثيرة –اللهم لا حسد- والاستفادة منها ، اللوم المبرر للإحباط الذي يبقيهم في القاع ، الذي لن يقوموا منه إلا بعد تغيير سياساتهم في التعامل مع القضاي والتحديات والضغوط والتهديدات التي تواجهها المنطقة ، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمغرب ويغيروا ما تأصل بأنفسهم من حقد تجاه"المروك" الذي لا يكن لهم إلا الود والمحبة ..