adsense

2014/07/26 - 6:56 م

استياء .. تنديد .. غضب .. سخط .. تلكم العبارات التي رددها زوار مقابر الجديدة خلال موسم الزيارة الذي يصادف 27 رمضان من كل سنة ، وهم يبحثون عن ذويهم وسط الآلاف من القبور العشوائية ، وحملوا المسؤولية كاملة للسلطات الإقليمية وعلى رأسها عامل إقليم الجديدة   معاد الجامعي باعتباره يمثل سلطة الوصاية والهيئة المنتخبة وعلى رأسها رئيس المجلس الحضري عبد الحكيم سجدة ، لما آلت إليه أوضاع مقابر الجديدة .
وصب هؤلاء الزوار جام غضبهم وسخطهم على هذين المسؤولين وخاصة رئيس المجلس الحضري الذي لم يكلف نفسه عناء في إطار تصميم تهيئة المدينة ، تخصيص حيز ولو يسير من الوعاء العقاري لإنجاز مقبرة تليق بأموات مسلمي الجديدة الذين عانوا في حياتهم جراء الإهمال الذي تعرفه المدينة ، ويعانون الآن في موتهم جراء الإهمال غير المبرر للمسؤولين الإقليميين والمحليين في عدم صيانة مثواهم الأخير..تجنبا لأزمة الدفن التي تعرفها المدينة حاليا ، خصوصا أن المادة 39 من الميثاق الجماعي كانت واضحة المعالم وصريحة لاتحتمل التأويل ، حيث شددت على أن تشييد المقابر وصيانتها من اختصاص المجالس المنتخبة .


فمقبرة الرحمة والتي وهبتها إحدى السيدات المحسنات للمجلس الحضري   "جازاه الله خير الجزاء " أوشكت أن تمتلئ ولم يبق من مساحتها إلا الجزء اليسير .
أما مقبرة سيدي موسى فحالها يدعو للاستغراب والشفقة  على موتانا ، مما آلت إليه أوضاعها ، حيث القبور العشوائية وتحولها بقدرة قادر إلى مطرح للأزبال والنفايات ، وأوكار المنحرفين والمشردين الذين يتخذونها ملاذا آمنا لممارسات شاذة ، وكذا تخريب قبور الأموات وتدنيسها وتكسير شواهدها والاعتداء على حرمتها ، كل ذلك في غياب الصيانة التي أشارت إليها المادة 39 من الميثاق الجماعي ، واستكثر المجلس الحضري للجديدة على أموات المسلمين تعيين حراس أمن يحرسون المقبرة من الدخلاء المتسكعين والمشردين ، فقد نهى الرسول الكريم سيدنا محمد عليه أفضل الصلوات الجلوس عليها والدوس عليها بالأقدام ...والحكمة في ذلك تتجسد في تكريم المسلم حيا أو ميتا ، كما قال تعالى في سورة الإسراء .. " لقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات ، وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ... " الآية 70 .
لكن مع كامل الأسف رئيس المجلس الحضري وسلطة وصاية عامل إقليم الجديدة ، بعيدة كل البعد عن مغزى ومعنى الآية الكريمة التي كرمت بني آدم حيا أو ميتا .
ونهمس في أذن مسؤولي الجديدة الإقليميين والمحليين ونقول لهم لابد من مقاربة سوسيوـ أنثربولوجية تسعى إلى فهم علاقة الإنسان لهذه الأماكن التي تستوجب الاحترام ، لأن في ذلك منة من الله ـ عز وجل ـ على عباده حيث جعل الإنسان مقبورا في الأرض ، ولم يجعله ممن يلقى على وجه البسيطة حتى لايكون عرضة للطير الكاسر والحيوانات المفترسة .
وحتى المجلس الوطني لحقوق الإنسان كان قد شدد على القطع مع اعتبار المقابر مكانا ميتا يضم أمواتا ، بل اعتبرها جزءا من المشهد المعماري العام للمدن وبالتالي إيلاءها عناية خاصة ضرورة ملحة .
ولنا أسوة حسنة في مقبرة الرحمة بحي الألفة بالدارالبيضاء التي تعتبر نموذجا صارخا وحيا في ترسيخ ثقافة تكريم بني آدم ميتا ، ويحق للهيئة المنتخبة وسلطة الوصاية ممثلة في العامل أن يفتخروا بهذه المعلمة النموذج في التسيير والصيانة والنظافة وطرقها الواسعة المؤدية إلى القبور و.. و .. ووو...
عيب وعار ، مدينة الجديدة بتاريخها العريق ، واقتصادها الذي يعتبر ثاني اقتصاد بعد اقتصاد مدينة الدارالبيضاء ، مدينة بثرواتها الطبيعية الفلاحية ومؤهلاتها الصناعية ... تفتقر إلى مقبرة ، واستكثر عليها رئيس المجلس الحضري وعامل الإقليم توفير بقعة أرضية تخصص لدفن موتاها : يقول أحدهم .
وصمة عار في جبين رئيس المجلس الحضري وعامل إقليم الجديدة اللذان لم يكلفا نفسهما عناء للبحث عن قطعة أرض بضواحي المدينة تأوي موتى مسلمي الجديدة ، " يصرح أحدهم لجريدة القلم الحر بمناسبة موسم زيارة القبور...
أما البعض الآخر فصب جام غضبهم على عامل إقليم الجديدة الذي لم يفعل سلطة وصايته في هذا الملف ، وعاتبوه بقولهم : حينما يتعلق الأمر بمهرجانات " عامل الإقليم " يسعى جاهدا ، ويستخدم سلطته في البحث عن مصادر تمويل هذه المهرجانات من المؤسسات المواطنة .. لكن حينما يتعلق الأمر بالبحث عن قطعة أرض تخصص لمقبرة لدفن موتانا.. فتتثاقل يداه وتضعف سلطة وصايته أمام رئيس المجلس الحضري ...فلماذا الكيل بمكيالين ؟
التصريحات التي حصلت عليها جريدة القلم الحرمن مرتادي القبورأمس الجمعة 27 رمضان كثيرة ولايسمح المقام لذكرها كلها . فالساكنة مستاءة جدا من المسؤولين الإقليميين والمحليين والنفوس تحمل ضغينة لهؤلاء المسؤولين على أوضاع مقابر الجديدة..
فعسى أن يجد مقالنا هذا آذانا صاغية .. وتحمل رئاسة المجلس الحضري وسلطة وصاية عامل إقليم الجديدة معاد الجامعي إلى التفكير بجدية في اقتناء بقعة أرضية تخصص لدفن موتى مسلمي الجديدة ... ولهما في مقبرة الرحمة بالدارالبيضاء خير مثال على ذلك .