adsense

2021/01/17 - 11:40 م

صفقة "فاس باركينغ" ستكون القشة التي تقصم ظهر البعير، الإحتجاجات  بمدينة فاس لا تتوقف، ولا زال المواطن الفاسي منذ سنين يبحث عن نقطة ضوء  تعطيه الأمل فيما تبقى، ولكن لاشيء من ذلك حدث. حتى صار المواطن المغربي لا يملك إلا التأسي على الخراب الذي حلّ  بأعرق وأجمل المدن المغربية، التي امتد عمرها آلاف السنين، وضمَّت في جوانبها من التحف المعمارية ما يدل على الشأن الحضاري الذي بلغته عبر تاريخها الممتد، فمدينة فاس ليست كغيرها من المدن  ابتلاها الله بأيادي الفشل والكسل، حتى صارت تظهر كمجموعة من الركام والأطلال تعلوها أصوات غربان الموت والفجيعة، لتثير في النفس مشاعر الحزن والخسارة على هذا الإرث الحضاري الذي خلّفته أجيال متعاقبة، فدّمر في السنوات السود التي استبيحت فيها هذه المدينة بمن فيها، من قبل من لا يعرفون  الحضارة والحياة ويمقتون كل ما  يمت  إليهما

واليوم، بعد أن صار كل حدث يقود إلى ما هو أسوأ منه، حتى تجاوزت الحال حدود الخيال، بحيث باتت روح المواطن الفاسي تنوس بين المرارة والغضب

في ظل كل هذه الأجواء المشحونة صنعت مدينة فاس حدث بداية السنة، بالاحتجاج النوعي الذي أبدعته ساكنتها والداعي إلى إشعال الشموع، كاحتجاج سلمي وحضاري ضدا على صفقة مواقف السيارات، وعلى حال المدينة بصفة عامة لقي هذا الإحتجاح تجاوبا منقطع النظير، وحول الظلمة الحالكة لساحة فلورانسا  مرتع السكارى والمشردين، إلى مكان مضاء بالشموع الوهاجة.

عاد الفاسيون هذه الليلة إلى منازلهم بعد أن أوصلوا رسالتهم إلى من يهمهم الأمر، وكلهم أمل ألا تتأخر استجابة وزارة الداخلية باعتبارها الوصية على الملف والقادرة على حلحلة الأزمة.

وقبل الختام أدعكم في ضيافة هذا المقطع من قصيدة  للشاعر العراقي جعفر المهاجر يصف مدينة دمرها الحرب والإقتتال، وهي بالمناسبة تصلح للتعبير عن حال مدينة فاس،

مدن يجف في دمها الندى

وينهشها الذباب

هجعت على صخور الموت

تحرسها الذئاب

فيها الضحايا تستغيث

بلا مغيث أو جواب

أزهارها تسقى بماء من حميم

وتغرق في الخطاب

تغفو على آلامها وجراحها ودموعها

وتستفيق على السراب

وعيونها قد أطفأت

بين المرارة والتوجع والعذاب

مسلوبة الأفراح تفترش التراب

وسنينها عطش وجوع واستلاب

محرومة من فيئها وجنانها وغلالها

مكشوفة الأضلاع يلفحها الهجير

ولها الفجائع والمصائب والقبور