adsense

2020/07/27 - 12:15 ص


بقلم الأستاذ حميد طولست
إن صح ما تداولته وسائل الاعلام الإلكترونية حول خبر اسْتصدار قانون الإعفاء من الضرائب لمدة خمس سنوات ، على الأموال المتبرع بها للصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا "كوفيد19" -الذي أحدث بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، الذي كان أول من تبرع له بكل أريحية وكرم - تمهيداً للاسترجاع ، والذي يصلح حكاية طريفة لا تقل إضحاكا عن الطرائف التي كان يشخصها حكواتيي أيام زمان بـحلاقي "باب المكينة وجنان السبيل" بفاس، وساحة "لهديم" بمكناس ، و"جامع لفنا" بمركاش ، والتي كان "لحلايقيو" أصاحب الحلقة ، كلما هموا بالطواف لجمع عطايا والصدقات من المتفرجين المتحلقين حولهم ، إلا وخرج بعض رفاقهم في المهنة المندسين في صفوف الجماهير ، مشهرين هباتهم التي غالبا ما تكون مهمة نسبيا ، بهدف استحتات الحضور على محاكاتهم في البدل ، والاقتداء بهم في العطاء ، واحراج البخلاء على الدفع للحلايقي الذي يرجع لأصحابه -الكومبارس-ما تبرعوا به مع نسبة عندما يختلي بهم بعد انتهاء الحلقة ،  نفس السيناويو قام به الذين سْهاموا بمبالغَ مثيرة للإعجاب في الصندوق كورونا ، المتنكرين في مسوح المخلصين المصلحين، المدافعين عن القيم الوطنية والمبادئ الإنسانية ، لحث مَحْدُودي الدخل على محاكاتهم في التبرع والاقتداء بهم على الدفع ، الذي لو كان خالصا لله وفي الله ، وكان للتكافل والتضامن دون نفاق أو رياء ، كما رُوج لها ، ولم يكن غير مجرد مُسايَرة طغى عليها الاستهْواءُ والانسياق نحو التباهي ، لما اعترت أصحابها ندمانة ولا أسف ، ولما استسصدروا قانون لإعفائهم من الضرائب على عطاياهم –ولو كانت قانونية- ولا فكروا في الاسترجاع المهين الذي لا يدل إلا على الجشع العارم الذي يدفع بالكثيرين إلى الغش والخداع والغش حتى في قيم المروءة والتضامن والتعاطف والبذل والعطاء الذي لا يدرك لذته الا أصاحب النفوس الطيبة الصادقه المحبة للخير النابع من صميم وجدان الذين لا هم لهم إلا أن  يروا الناس جميعهم في أفضل حال وأحسنه ، ولا قصد لهم إلا رفع المعاناة عن المعذبين ، ولا غاية لديهم سوى تمكين المحرومين من العيش الرغيد ، وذلك لأن فعل الخير صفة إنسانية متجذرة في نفوس الكرام ، التي لا شيء يمنعها من القيام بها تقربا لله ، وارضاء لنوازع نفوسهم الطيبة اللينة ، خلافا لمن اعتادوا على القيام بها في المناسبات الملائمة لتحقيق المآرب الشخصية والرغبات الذاتية ، خاصة إبان الانتخابات على سبيل المثال،  حيث يلعبون دور المُحسنين الكرماء الرحماء بالفقراء، المعينين للمُحتاجين ، لغاية إستدراج البسطاء المهمشين من الأرامل وأصحاب الإعاقات والأيتام والمسنين، واستغلال أحوالهم في تمجيد عملهم غير الخيري أولا ، وسرقة أصواتهم ثانية ، الأمر الذي يثقنون فنونه وتقنيته ، وخاصة مع جماهير يمنع أغلبها الجهل والجاجة عن التفكير أو التساؤل عن الغرض الحقيقي وراء ذلك الكرم الحاتمي المناسباتي ، وهل هو حقاً عمل خيري للتقرب إلى الله تعالى ، ومحبةً في تقديم المعونة للفقراء ؟ أم أن وراءه ما وراءه من الأغراض السياسوية التي لا مكان لأعمال الخير الصادق في ركحها ، ولا مكان للتضحية فيه ، لتضارب المصالح ، وسيطرة الذاتية ، التي تغدو معها خدمة النفس وتحقيق الأهداف الحزبية والغايات الأيديولوجية ، هي الأسمى، والمصلحة العامة هي الأدنى .