adsense

2020/06/01 - 1:22 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست
المقارنة وسيلة للبحث في أوجه الشبه والاختلاف أو الفَرْق و التباين  بين الأشياء أو الأشخاص ، تستعمل للتوصُّل إلى إجلاء الصورة الحقيقية لأحد المقارنين تطبيقا كما ورد في مشهور الكلام أنه " بضدها تتبين الأشياء ، والضد يظهر حسنه الضد " كما في قول المتنبي:
من يظلم القرناء في تكليفهم... أن يصبحوا وهم له أكفاء
ويذمهم وبهم عرفنا فضلـــــــــــــــه   ... وبضدها تتميز الأشيــــــــــــــاء
وبخلاف المقولة الشهيرة " لا تقارن السيف بالعصا " والتي حُفّظنا أياها في المدارس الاعدادية على أنها من المسلمات ، والتي تفندها الحكمة السابقة ، فأني أرى أن كل شيء في هذا الكون ، مهما صغُر أو كَبُر ، إلا ويمكن مقارنته بما يقابله من سائر الأشياء أو الأشخاص ، لأنه مهما اختلف الشيء عن غيره في خواص وسمات بعينها ، إلا واشترك معه في خواصٍ وسماتٍ غيرها ، و أنه لابد لكل شيء مهما شابه أو ماثَل غيره ، من أن يختلف معه في جوانب ونواحٍ أخرى.
موجب هذ الكلام هو لجوء البعض مؤخرا إلى مقارنة غريبة لإثبات مواطن تلاقي الصفات وتماثلها بين مثالين لا يملكان نفس الملامح والأدوات والإمكانات والظروف ، وهم لا يدرون أن مقارنتهم تلك مسيئة للقيمة الاعتبارية لمقارَنِهم ، وتنتقص من قيمة منجزاته وتبخسها.
مقارنة مثيرة إن دلت على شيء ، فإنما تدل دلالة قاطعة على مقدار عدم ثقة المقارِنِين في ما أحاطوا به المقَارَن من صفات القيادة والزعامة الخارقة ، وشعورهم الداخلي بمحدودية مواهبه وقلة رصيده التاريخي أمام المقارَن به ، لأن التميز في الصفاة المخلدة لاسماء العظماء ، لا تستنسخ بمقارنة غبية ،  وإنما بالعطاء والتضحية والنضال الوطني المنتج للحظة الإبداعية والفنية التطوعية الخادمة للناس ، والمنمية للوطن بكل صدق واستقامة ونزاهة وعفة وعزة نفس وكرامة..