adsense

2018/10/08 - 11:04 م

بقلم ابراهيم فارح
يدخل المغرب سنة سياسية جديدة، دخول لا يبدو انه سيخرج عن التقليد الذي طبع الحياة السياسية بالمغرب .
الاستقراء الأولي للمشهد السياسي والمغرب يدشن دخولا سياسيا آخر في عهد حكومة الاسلاميين يعطي عدة مؤشرات :
       محاولة البحث عن التهدئة في ظل الخلافات التي تعصف بمكونات الاغلبية.
       ما عرفه المشهد السياسي مؤخرا من إعفاءات وإقالات طالت وزراء ومسؤولين لإخلالهم بمسؤولياتهم وسوء تدبيرهم.
       التقارير الكارثية التي صدرت من قبل مؤسسات دستورية تنبئ بان الوضع يتجه نحو الانفجار.
وأهم من كل هذا وذاك مؤشرين ارتبطا ارتباطا وثيقا بالحزب الذي يقود الحكومة :
أولهما انه لا يمكن ان نعول على هذه الحكومة لتجد الحل، ثانيهما ينبثق من الأول هو استمرارية الأزمة .
فالفترة الطويلة التي عشناها مع الحزب الذي يقود الحكومة أثبتت لنا أن الفاعل السياسي حتى ان كان اسلاميا ومن أصحاب اللحية والدينار ويدعي التقوى والايمان  فهذا لا يعتبر معيارا على أنه سيخدم المصلحة العامة، بل على العكس فهؤلاء يتميزون بمواهب خارقة في استغلال ذكائهم للركوب على الأحداث واستغلالها من أجل تحقيق مصالحهم.
 وركوب حزب  العدالة والتنمية على نضالات الربيع العربي للوصول الى الحكم ابدى لنا بما لا يدع مجالا للشك أن غاياتهم كانت أبعد ما تكون عن المصلحة العامة.
وهكذا أضحت المصالح الخاصة هي المتحكم في سلوكيات وتصرفات الفاعلين السياسيين، فقد أصبح من البديهي عند ساستنا الركوب على المصالح العامة لتحقيق مصالحهم الخاصة، وبالتالي فهذه النخبة التي يتم التعويل عليها لإنقاذ الوضع غدت هي منبع الفساد ومرجعيته الأساسية لما تملكه من حق أخذ القرار والمبادرة.
 ويكفينا ان نلقي نظرة على مسارات سياسيي الواجهة في حقلنا السياسي الحالي لندرك أن هذه النخبة لها كامل الاستعداد لفعل اي شيء والتضحية بالمبادئ التي طالما دافعوا عنها من أجل المصلحة الخاصة والحفاظ على الريع والامتيازات التي ينعمون بها.
وتأسيسا على هذا أضحت السياسة في المغرب، هي سبب الأزمة التي تضرب القطاعات المالية والادارية والاجتماعية والاقتصادية، فهي ترجع بالأساس الى الوهن الذي أصاب الفعل السياسي امام الامتيازات المالية واغراءات السلطة التي تقدم من قبل النظام للفاعلين السياسيين من أجل ان يلعبوا دورهم في زمان ومكان محددين.
كل هذا نتج عنه مؤسسات كسيحة لا تقوى على أداء دورها، فلا البرلمان قادر على التشريع والمراقبة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولا الحكومة قادرة على قيادة العمل السياسي واصلاح اوضاع المجتمع وفق مشاريع واضحة .
 يقودنا هذا حتما إلى سؤال أساسي وبريء ونحن على أعتاب دخول سياسي جديد. هل يمكن ان ننتظر شيئا من حكومة أغلبيتها مشتتة وبين مكوناتها حروب طاحنة؟ هل يمكن أن ننتظر شيئا من معارضة منقسمة على نفسها فاقدة لأي توجه تائهة وضائعة تعارض كل شيء ولا تعارض شيئا؟ هل يمكن ان ننتظر شيئا من نقابات شاخ أسودها ولم يعودوا يزأرون في غابات استأسد فيها الكلاب والضباع؟
هل يمكن أن ننتظر من هؤلاء أن ينتجوا سياسات تصلح أوضاع البلاد والعباد؟ هل يمكن أن ننتظر منهم أن يحدوا من تغول الفساد مع العلم أن الفساد في عهدهم أظهر قوة كبيرة في تطوير خلاياه وتسريع نمو جيناته، وعفا الله عما سلف، سواء كان هذا الفساد سياسيا أو ماليا أو إداريا أو اجتماعيا، فقد وجدت هذه المفاسد الحضن الدافئ والمتعهد بالرعاية حتى استطاعت أن تكون لها منظومة أخطبوطية يصعب فك شفراتها واستطاعت بذلك أن تخلق دولة داخل الدولة بعيدة عن الأعين الراصدة .
للأسف لا يوجد في الأفق بصيص من الأمل يمكن أن يجعل المواطن بحلم بتغيير معيشه نحو الأفضل. ما يمكن أن ننتظره هو رجة سياسية قوية تعيد ترتيب المشهد السياسي من جديد، وإجراءات جريئة وسريعة قادرة على إصلاح الوضع القائم.
في انتظار ذلك أقيموا الأفراح ليتامى الحكومة، أما يتامى الشعب فنصيبهم الأحزان والأتراح.