adsense

2022/11/02 - 11:52 م

نظمت الجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات(RDR) فرع فاس، بشراكة مع المرصد المغربي للسجون، عصر يوم الجمعة 28 أكتوبر الماضي، بأحد الفنادق المصنفة وسط مدينة فاس، ندوة في موضوع " المحكومون بالإعدام في المغرب ترقب للموت و أمل في الحياة".

انطلقت أشغال هذه الندوة، التي كانت موجهة أساسا للإعلام والإعلاميين، من أجل تسليط الضوء على الإعدام بالمغرب، بكلمة ترحيبية ألقاها السيد الحاج عنابة أمين مال المكتب الوطني للجمعية، حيث رحب بالحضور، وبمختلف المنابر الإعلامية التي حضرت وكذا بالسادة المحاضرين، قبل أن يشرع في التطرق إلى السياق الذي جاءت فيه هذه الندوة، والتي تعتبر ورشا من بين الأوراش التي تقوم بها الجمعية بشراكة مع المرصد المغربي للسجون، بعدها تطرق إلى الهدف العام من هذا النشاط، المتمثل في صياغة في حشد الدعم و التأييد من أجل إلغاء عقوبة الإعدام وتسليط الضوء على هذا الحكم القاسي، الذي أصبح متجاوزا في ظل وجود دستور يضمن الحق في الحياة وكذلك توقيع المغرب على مجموعة من المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.

بعد هذه الكلمة المقتضبة التي قدمها السيد مسير اللقاء مرر أعطى الكلمة للسيد رئيس المرصد المغربي للسجون السيد المحامي عبد اللطيف رفوع، والذي أشاد بالعمل والمجهودات المبذولة من طرف الجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات فرع فاس التي ساهمت بشكل كبير في نجاح مجموعة من الأوراش والمشاريع المشتركة سواء في علاقتها بالمرصد المغربي للسجون أو باقي الشركاء وكذلك أهمية المواضيع التي تشتغل عليها الجمعيةّ على أساس أن الجمعية أصبحت منذ مدة شركا للمرصد الذي يشتغل على هذا الموضوع ضمن شراكة مع الإتحاد الأوربي الممول الأساسي لهذا المشروع.

شرع السيد رئيس المرصد المغر بي للسجون في حديثه عن موضوع الإعدام بالمغرب انطلاقا من العمل الذي يقوم به المرصد ضمن الشبكة الحقوقية المناهضة لهذه العقوبة ومحاولة الضغط الذي تقوم به من أجل إجبار الحكومة التوقيع على البروتوكول الإختياري من أجل وضع حد لهذه العقوبة التي ما زالت سارية الحديث في الشارع المغربي وإن كانت تبقى موقوفة التنفيذ، فآخر حكم إعدام نفذ في المغرب يعود لسنة 1993، ومنذ ذلك الحين ظل القانون الجنائي خاصة الفصول المتعلقة بالعقوبات تنص على الإعدام ( مع وقف التنفيذ) حيث أن المغرب يعتبر من بين الدول التي لم تحسم النقاش القانوني المتعلق بعقوبة الإعدام، حيث ان القانون الجنائي يقر هذع العقوبة ولكن الإشكال هنا يتعلق بوقف التنفيذ مما يطرح مشاكل كثيرة للجاني الذي يصبح حينها ينتظر لحظة إعدامه في أي وقت ممكن وما يسببه هذا الإنتظار من مشاكل نفسية ومعاناة وضغوظ غالبا ما تكون لها آثار وخيمة على النزيل تجبره في كثير من الحالات إما على الإنتحار او الإقدام على بعض الأفعال الخطيرة..........، كما ناقش السيد عبد اللطيف رفوع رئيس المرصد المغربي للسجون الإشكالات المتعلقة بحقوق السجناء والحرمان الذي يطال المحكومين بعقوبة الإعدام وهنا تطرق لبعض الحالات التي قام بزيارتها داخل المؤسسات السجنية وناقش معها ووقف على جملة من الخروقات وكذلك التجاوزات الصادرة من طرف موظفي الإدارة السجنية في حق هذه الفئة.

وفي هذا الصدد أكد السيد عبد اللطيف رفوع على ضرورة التعاطي الإعلامي مع الموضوع خاصة من طرف الإعلام الجاد والمسؤول، سواء من حيث التوظيف المفاهيمي الذي في بعض الاحيان يكون قاسيا تجاه المحكومين بالإعدام او من حيث تكوين وبروز صحافية حقوقية في الساحة الإعلامية المغربية التي تفتقد لهذا النوع من الصحافة، من أجل المساهمة في خلق نقاش عمومي وجعل المجتمع قادرا على تغيير نظرته لعقوبة الإعدام خاصة و أن المجتمعات المحافظة لم تعرف أي تقدم في النقاش العمومي خاص بالإعدام نظرا لمجموعة من الإعتبارات منها ما هو ديني ومنها ما هو سياسي ومنها ما هو متلق بثقافة الثأر والإنتقام خاصة لدى المجتمعات المشرقية، لذلك في الإعلام هنا مطالب بالخوض في هذا الموضوع باحترافية مهنية تستوجب استحضار القيم التي على الصحفي أن يتحلى بها من أجل إيصال الرسالة.

بعد المداخلة الأولى، شرع الاستاذ والصحفي ادريس العادل في تقديم كلمته التي كانت موجهة اساسا للمنابر الإعلامية والصحافيين الشباب الذين حضروا هذا اللقاء، حيث أكد في البداية بأن موضوع الإعدام في المغرب هو موضوع في غاية الأهمية لم يستوفي حقه من النقاش العمومي باعتباره نقاش مجتمعي وعلى المجتمع أن أن يكسر هذا الصمت المضروب حول الموضوع، خاصة وان اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام 11 أكتوبر من كل سنة، لم تعره وسائل الإعلام أي اهتمام ولم تساهم حتى في إثارة النقاش. هذه النقطة تطرق لها الأستاذ ادريس العادل من مدخل أساسي في مجال الصحافة و الإعلام المتعلق بالشروط التي يجب ان تتوفر في الصحفي ومن بينها الشرط المعرفي، وهنا تحدث بإسهاب حول مدى افتقارنا في المغرب إلى الصحافة المتخصصة في مجموعة من المجالات والميادين خاصة تلك المتعلقة بالقانون والجريمة والقضاء.....

وانطلاقا من دور الإعلام الذي ذكره الأستاذ ادريس العادل والذي يتجلى في الإخبار والتثقيف و التوعية وبناء مجتمع سليم إضافة إلى تكوين رأي عام جماهيري ومسؤول وجه الدعوة إلى طلبة الإعلام والمنابر الإعلامية للتطرق إلى موضوع إلغاء عقوبة الإعدام خاصة وان هناك جهات في المغرب أصبحت تترافع من اجل إلغاء هذه العقوبة ولعل أهم هذه الجهات المجلس الوطني لحقوق الإنسان وكذلك الجمعيات الحقوقية وعلى رأسها المرصد المغربي للسجون الذي يعتبر اهم جهة في المغرب تتبنى هذا الموضوع ولعل الندوة التي تنظمها الجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات فرع فاس بشراكة مع المرصد خير دليل على العمل الجبار الذي يقوم به المرصد في هذا الإتجاه.

وباعتبار الإعلام سلطة رابعة في المجتمع اكد الأستاذ ادريس العادل على ضرورة تسليط الضوء على العمل الذي يقوم به المرصد والجمعية الوطنية من أجل إثارة النقاش في الأوساط المجتمعية ومحاولة جعله نقاش عمومي من شأنه ان يأخذ حيزا مهما في النقاش اليوم ومحاولة بناء مجتمع واع وحضاري قادر على الدفاع عن هذه الفكرة التي تعتبر الإعدام هو سلب للحياة، مشيرا الأى أن الإعلامي عليه أولا ان يتحلى بالمرجعية الحقوقية التي تنص وتاكد على ضرورة توفر مناخ مناسب للتعبير بكل حرية عن الرأي دون ادنى مضايقة، حيث ان عقوبة الإعدام هي بنفسها سلبا للحرية وبالتالي فالعلاقة هنا متداخلة بين الإعلام وموضوع إلغاء عقوبة الإعدلم.

المداخلة الثالثة والاخيرة قدمها السيد الحاج عنابة عضو المكتب الوطني للجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات حيت أكد أن

مشاركتنا كجمعية وطنية تعنى بمخاطر استهلاك المخدرات وأثارها الاجتماعية و الاقتصادية و القانونية ،بمناسبة اليوم العالمي العشرني للامم المتحدة، في هذه الندوة هو ينطلق من قناعتنا كمجتمع مدني بأهمية الترافع والتوعية و التحسيس بمخاطر عقوبة الاعدام وما يرافقها من الأم الترقب بين الموت و الحياة ،كذلك من منطلق قناعتنا بوجاهة المقاربة الحقوقية وإعمالها في الخطابات ومبادئ عمل المنظمات المدنية .

ان ثقافة حقوق الانسان تحتاج الى تامل فلسفي عميق مبني على المشروع المجتمعي الذي نريد بعيدا على الانية و التفكير من منطق الواقع الان .ان التغير هو فعل تراكمي وليس فعل فجائي فالمجتمع المغربي كباقي المجتمعات الشرقية البطريركية  يحتاج الى رجة وهزة ثقافية عميقة لاعادة النظر في معتقداته ومسلماته.

المجتمع المدني او بالاحرى  المنظمات المدنية في الاصل هي تنظيمات للترافع و المناصرة نحو تحقيق الحقوق او تشريع هذه الحقوق و القوانين التي تحمي وتؤدي الى التمتع بهذه الحقوق،نحن كجمعية تعني بعمل تقليص مخاطر تعاطي المخدرات بالمغرب لا نقتصر على هذا الفعل التدخلي المباشر للتصدي لظاهرة تناول المخدرات وطرق معالجتها من الناحية القانونية  ،انما  رؤيتنا و هدفنا ينبني بالاساس على رؤية مبنية على مقاربة حقوقية  في الاساس. فعندما نتكلم عن مخاطر تعاطي المخدرات فنحن نعتبر ان مدخل  علاجها هو مدخل صحي بالأساس اي ضمان الحق في الوصول الى خدمات الصحية لكل المواطنين دون اقصاء .وهنا نعني مستعملي  ومستعملات المخدرات  الذين يجيدون صعوبة او يتعرضون للتمييز عند حاجتهم الى الخدمة الصحية ناهيك عن باقي الحقوق الاساسية الضامنة للكرامة و المواطنة الكاملة.

من هنا نعتبر ان تواجدنا في هذه الندوة  هو مساهمة  في ارساء فلسفة التفكير الهادئ و العميق  التي جانب الفعلين الاخرين و الحاضرين معنا  نحو بناء مجتمع الحق و المساواة امام القوانين  ،مجتمع حماية الحقوق ووضع مساطر واضحة للتمتع بها وممارستها.

كيف لمجتمع يجرم القتل و الاعتداء على الاخر ان يشرعن القتل عبر المؤسسة وبموجب القانون؟  الا يعتبر فعل ممارسة القتل من طرف المؤسسة عجز عن ايجاد حلول بديلة تمكن من محاربة التأثر وحب الانتقام  ان قرار عقوبة الاعدام هو في حد ذاته عمل وحشي ينتقل بالانسان من طبعتيه البشرية الانسانية الى مرحلة الحيوانية او ما يسمى بقانون الغاب. التجارب عبر التاريخ  البشرية كلها تؤكد ان عملية القصاص و التأثر تترك مخلفاتها الى عدة اجيال و اجيال ولكم في تنازع القبائل و الاهالي الذي يستمر لسنين و قرون و منه من  هو مستمر الى الان و هذا اكبر مثال  مع الاسف العقل الجمعي لمجتمعاتنا لازال يحتفظ بالتاثر كرد للاعتبار و اتبات  الذات( معظم الافلام و الانتاجات الفنية تعيد انتاج هذه الدراما الاجتماعية دون رؤية فلسفية لبناء مجتمع سيادة القانون وحماية الارواح.)

عقوبة الاعدام فعل انتقامي محض ولا يؤدي الى جبر الضرر خاصة اذا ارتبط الامر بتطبيقه  على مادون 18سنة،وعلى  من تبتت  عدم اهليتهم القانونية بشتى انواعها، ولذلك نحن كمجتمع مدني مطلبنا بالاساس وراء الغاء  عقوبة الاعدام من التشريعات و وقف تطبيقها الفوري هو مطلب يصب في اعادة النظر في معتقداتنا  وممارستنا كمؤسسات و مواطنين و افراد  وجماعات .حيث تحقيق هذا المطلب  هو في الاساس فتح المجال للتامل في معنى قيم الاختلاف و التعايش هو  تساؤل عن دور العدالة الفعالة و النزيهة في ضمان الحقوق وحمايتها ،هو تربية على اللجوء الى المؤسسات و القضاء في حل النزعات .

قبل اللجوء الى عقوبة الاعدام ماذا قدمت الدولة و المجتمع من حلول وضمانات للافراد و الجماعات للتمتع بحقوقهم و الحفاظ عليها ،هل في مجتمع الفقر و الامية  و الجهل و غياب العدالة الاجتماعية يمكن ان نتصور عدم ارتكاب افعال و جرائم خطيرة ،خاصة عند الاحساس الفرد بالحركة وعدم القدرة على الوصول الى الانصاف ;هناك مجموعة من الدراسات تشير الى ان اكبر نسبة مئوية من المحكومين بالاعدام من الطبقة الفقيرة وذوي المستوى الثقافي الجد متدني ،الاستبعاد الاقتصادي و التهميش الاجتماعي الناتج عن الفوارق وعدم المساواة امام القانون نتائجه جد كارثية ولذلك مرافعتنا تأتي لتسليط الضوء على ضرورة ارساء التربية على الاختلاف و اعتماد الاقناع و الحوار في التواصل والتعامل مع الاخر ضمن  مدرسة عمومية تنمي القدرة على التفكير و اعمال العقل  و الايمان بمبادئ حقوق الانسان المتعارف عليها دوليا.

بعد نهاية مداخلات السادة الأساتذة تم فتح باب النقاش للحضور من أجل إغناء النقاش كل ووجهة نظره، حيث أدلى السادة الإعلاميين بمجموعة من الأفكار التي من شأنها أن تساهم في بلورة نقاش عمومي حول الموضوع وجعله نقاشا مجتمعيا قابل ليصبح وسيلة ضغط تجبر الحكومة على توقيع البرتوكول الإختياري القاضي بإلغاء عقوبة الإعدام.