adsense

2022/02/06 - 12:02 م

بقلم عبد الحي الرايس

بعد الأوبة إلى الذات الجماعية، والإفاقة من هول الصدمة القاسية، يتعين استخلاصُ العبرة من تجربة كان لها رَيَّانُ قُرْبَاناً حين هوى في البئر، فهوَتْ معه الأنانياتُ والخصومات، وانبعث منه قبسٌ أنَار الأرواح، وأعاد إلى الأذهان معنى الإنسان.

صَدَحَت الحناجر بالدعاء، وتعبَّأت الوسائلُ للإنجاد، واسْتُنفِدَت الخُططُ للإنقاذ، ورَجَّعتْ أنحاءُ المعمور صدى التواجد والانشغال، ولكن ابن الخمس سنوات بعد خمس ليال من المُكابدة والانتظار أبى إلا أن يَرْحل مُخلِّفا قبَساً يَهْدي السبيل إلى الوحدة والإخاء، والمُضِي في طريق الإصلاح والبناء، ويدعو إلى تناسي الإحن والأحقاد، وتكريم سائر بني الإنسان.

وتحضُرُني وصية فلاح هَمَّ بالرحيل، وأبصر الأبناءَ حوله حَيَارَى مُودِّعين، فهمس لهم: إن بالأرض كنزاً إذا عثرتم عليه ستعيشون مُنَعَّمين، تنافسوا في حفر الأرض بحثاً عن الكنز، فلم يعثروا له على أثر، ولكنهم تفطنوا إلى أن الحرث قد حصل، فزرعوا وحصدوا، واغتنوْا وكسبوا.

كثيرة هي الأحداث التي تمُرُّ وتُنسَى، ولكن سقوط ريان في جُبٍّ غطَّاهُ النسيان:

ـ يُثير الانتباه إلى عديدٍ من الإغفالات والممارسات التي تُسْفِرُ عن وخيم العواقب، وكثيرٍ من الاختيارات والمواقع التي تُكرِّس التخلُّفَ، وتؤدِّي إلى شَرِّ المهالك.

وفي الآن ذاته يُضيء الطريق إلى جدوى توحيد الجهود ومراجعة الذَّات، وكذا إلى مكافأة الفرص، وتكريم سائر بني الإنسان.

فهلاَّ كان التنافسُ في الحفاظ على قَبَسِ رَيَّان جذْوة مُشتعلة مُتوهِّجة ،تبعثُ على تدارُكِ ما فات، وتحُثُّ على تبَصُّرِ مواقع الخُطَى فيما هو آت.