adsense

2020/04/17 - 10:46 م


بقلم الكاتب الصحفي عيسى فراق ـ الجزائر                                              يرَى علماء التربية في التفكك الأسري انهيارَ الوَحدة الأسرية، وانحلال بناء الأدوار الاجتماعية المرتبطة؛ وذلك عندما يفشل عضو أو أكثر في القيام بالتزاماتِه ودَوره بصورةٍ جيِّدة.
وهو من أكبر المشكلات التي تواجه المجتمعاتِ الباحثةَ عن الاستقرار، وتأمين سبل الحياة الكريمة لأفرادها، والتفكك الأسري مشكلة ناتِجة عن الطلاق، فالطلاق هو أساس المشكلة؛ ولذا فمِن الضروري البحث عن أسباب وقوع الطلاق؛ لضمانِ نجاح مشروع الزواج، وإنْ كانت أسبابه كثيرة ومتداخلة، إلا أن أمر تهيئة الشخص المقبِل على الزواج مِن الجنسين أمر في غاية الأهمية.
ومن هنا يبرز دور مؤسسات المجتمع ذات الاختصاص في تأهيل كل مِن الشاب والشابة اللذين ينويانِ الارتباط يبعضهما في هذا الشأن، فالشاب المقبل على الزواج يجب أن يدرك أن الزواج عبارة عن شراكة يسعَى مِن خلالها إلى الاستقرار مِن أجل الإنتاج والإبداع، وكذا الفتاة يجب أن تعرِف أن الزواج حياة جديدة فيها تتحمل عددًا مِن المسؤوليات الجِسام الخاصة بالزوج والأطفال والمنزل، والوعي هو السبيل الذي يسلكه الشاب مِن أجل ضمان استقرار الأسْرة والعيشة الكريمة حين يدرك أن هذه الزوجة إنسانة لها كرامتها وحقوقها، وهي تختلف عنه تمامًا مِن حيث تركيبتها النفسية والجسميَّة، والفَهْم هو الطريق التي تسلكها الفتاة مِن أجل المحافظةِ على زوجها، وجذبه إلى حياة المنزل، وتغيير نمط حياته.
والزواج متى ما كان قائما على الحب والاحترام، والتعاون والهدوء، كان زواجا ناجحا، وإن كانت الحياة لا تخلو من منغصات معها يبرز دور الزوج الواعي، ومعها تثبت الزوجة طيب معدنِها، وسمو نفسها.
ويجب على الزوج ألا يغب مصالحَه الشخصية بإتباع شهواته على واجباته وأدواره نحوَ زوجته وأهل بيته، وكذا الزوجة يجب ألاَّ تكون امرأة ذات شخصية ضعيفة تعاني من قلة الإيجابية، ولا دَور لها في الأُسرة، وإن كانت هي سِر سعادة المنزل، ومِفتاح هناء الأسرة، فهي خير متاع الدنيا متى ما كانت زوجةً صالحة، وهي حسنةُ الدنيا، وهي المدرسة التي ستعلم جيلا، وتبني مستقبلا، تعمل مِن أجل سعادة زوجها، وسعادة أهل بيتها وصلاحهم بعيدا عن ثرثرة التدخلات، وضوضاء المؤثرات؛ ولذا فقد جاء المثَل الصيني قائلا: البيوت السعيدة لا صوتَ لها".
لكن الحياة الزوجية قد تتوقَّف بعد أن تصطدِمَ بعقبة تجِد نفسها عاجزة عن عبورها؛ ليأتي الطلاق، والطلاق وإنْ كان أبغضَ الحلال، إلاّ أنَّه ليس نهاية الحياة؛ لأنه قد يكون سببا في سعادةِ أحد الطرفين، وقد يكون بداية لطريق سعيدة للطرف الآخَر.
لكن المشكلة الكبرى في الطلاق هي الأطفال، فالطلاق الذي يقع بين زوجين بينهما أطفال هو المعضلة الكبرى، فليست المشكلة في الزوجين بقدر ما هي في الأطفال، الذين سيحرمون من الأب، أو من الأم.
وإن كان دِيننا الحنيف العظيم قد نَظم حياة الأسرة مع الزواج، وبغيره، وضَمِن حقوقَ الأطفال ورعايتهم، إما عند الأب، وإما عند الأم، بحسب ظروفهما المعيشية الضامنة حياة كريمة لهؤلاء الأطفال.
ومع هذا، فيجب ألا يسعَى الزوج إلى الانتقام مِن الزوجة بعدَ الطلاق؛ وذلك بحرمانها من أطفالها، سواء أكانت باقية مع أهلها، أو صارت متزوجة من رجل أخر؛ لأن الرجل الإنسان الحقيقي هو الذي لا يفكر في الانتقام، حتى وإن كانت المرأة قد أخطأت في حقه، أو في حق أهله؛ لأن الأطفال يبقون بدون ذنب، وسيذكرون لأبيهم طيبَ أخلاقه، وحُسن تعامله مع أمهم، ويكفي الرجل أن يعرِف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما انتقم لنفسه قط!
علينا أن نهتم بهؤلاء الأطفال الذين لا ذنب لهم في أخطائنا ومشكلاتنا، حتى نشْركهم معنا فيها، بل علينا أن نرعاهم رعاية كريمة مع وجود الوالدين، أو مع انفصالهما حتى يكبروا بدون مشكلات نفسية تؤثر عليهم في مستقبل أيامهم، وحتى يضمن الزوج أو الزوجة راحة الضمير، والشعور بنوع مِن السعادة.
وهنا يبرز دور من مَن الها عليهم بالعِلم والصلاح من الرجال والنساء في التأثير فيمَن حولهم وحولهن؛ وذلك بالتحذير مِن الوقوع في الطلاق، والتفكير في استقرار الأُسر بدلاً من اهتزازها، وراحتها بدلا من انزعاجها.