adsense

2020/04/25 - 1:24 م

بقلم عبد الغني فرحتي 
 ستخلد الطبقة العاملة عيدها الأممي هذه السنة 2020، والعالم يرزح تحت وطأة جائحة كورونا. ستخلو الشوارع من المسيرات العمالية، ولن تجد الشغيلة الفرصة السنوية كي تصدع حناجرها بالشعارات والدعوة إلى الاستجابة لمطالبها وتحسين أوضاعها وتحصين حقوقها. 
 ومع ما يمكن أن يتركه هذا الحرمان من " التواجد الميداني في الشوارع" من غصة في نفوس الطبقة الشغيلة بسبب الوباء اللعين، إلا أن " استراحة المحارب" هذه تبقى فرصة ثمينة للأجهزة النقابية كي تعود لذاتها وتراجع أساليب عملها.
  لا أحد يمكن أن يجادل في كون هذه الأجهزة فقدت الكثير من بريقها. شتانا بين احتفالات الأمس واليوم. كلنا يذكر، وخاصة خلال العقود الثلاثة من القرن الماضي، كيف كان الفاتح من ماي، يوما مشهودا وفرصة للإطارات النقابية كي تتنافس فيما بينها تنافسا يمس الاستعداد للتظاهرات وتهييئ المنشورات والشعارات وحجم لحضور الجماهيري. وحتى الشوارع التي تمر منها المسيرات العمالية تكون غاصة بالمواطنين الذين يتابعون تلك الاستعراضات بل ومنهم من ينضم إليها.
  لكن في السنين الأخيرة، صار التزام الشغيلة بالمشاركة في التظاهرات ضعيفا وخافتا. قد يعود ذلك إلى عوامل كثيرة ومتشعبة يمتزج فيها الذاتي بالموضوعي. وإذا كانت ظروف الحجر الصحي تتيح فرصة العودة للذات  ومحاولة تشخيص مكامن القوة والضعف فيها، فإن مختلف الإطارات النقابية مطالبة أيضا بمراجعة الذات في أفق تصحيح ما ينبغي تصحيحه.
  ولعل من أهم العوامل التي أضعفت الكثير من الأجهزة النقابية أنها لم ترق إلى مستوى المؤسسة وظلت يغلب عليها طابع الشخصنة، مع ما يصاحب ذلك من غياب التسيير العقلاني والديموقراطي وهيمنة المزاج والولاء المصلحي وغير ذلك. أضف إلى ذلك، أن أغلب القيادات النقابية هرمت وظلت متمسكة بالزعامة حتى وهي تعاين الأفول المستمر لنجم الإطار الذي يقودونه. وربما كان ذلك من العوامل التي جعلت مثلا موقف النقابات من إصلاح نظام التقاعد يتسم بالارتباك والضعف: كيف يمكن لقيادات تقترب من العقد الثامن من عمرها أن تقنع المسؤولين الحكوميين بعدم تمديد سنوات العمل إلى ما وراء الستين من العمر؟.
  وبخصوص ملف التقاعد، وارتباطا بشيخوخة القيادات، ظهر ضعف واضح وقلة خبرة وجهل بالمعطيات المرتبطة بتدبير هذا الملف. لاحظنا ولشهور والنقابات تهرب إلى الأمام وتتمسك باللاآت، من دون أن تعبر عن أي مقترحات (فالنقابة كما نعلم قوة اقتراحية). كان من الأجدى، خاصة ونحن نستحضر حيثيات ومسرحية المصادقة على إصلاح نظام التقاعد في مجلس المستشارين، أن تتفاوض ( نقبل هذا ولكن في مقابل هذا هكذا). ما حدث هو التخندق من خلف اللاآت، وعندما دقت ساعة الحقيقة حدث ما حدث آآآ
 لهذا، ونحن نسجل هذه الملاحظات التي لا تحيط بكل جوانب الموضوع، وحتى والشغيلة محرومة من التظاهر في الساحات والشوارع بسب الجائحة، لا يسعنا إلا أن نقف وقفة تقدير وإجلال  للشغيلة الوطنية والعالمية في عيدها الأممي.