adsense

2020/04/22 - 11:49 ص

بقلم الكاتب والصحفي: عيسى فراق ـ الجزائر
شهــــادة تقديــــــــــــــــر
هل تعلم أن هناك اسم من أسماء الله الحسنى، من دونه نهلك و نضيع و تنتهي حياتنا نهاية سيئة في الدنيا و في الآخرة، و لا توجد سورة من سور القرآن إلا وبدأت به، و هو اسم«الرحمان الرحيم» . و لكي يشعرك الله سبحانه و تعالى بمعنى هذا الاسم جسده لك في الدنيا بالأم. عندما خلق الله سبحانه و تعالى الرحمة، خلقها كمئة جزء، و أنزل منها جزءا واحدا فقط، و ادخر عنده إلى يوم القيامة تسعة و تسعين جزءا، فإذا ضم الله يوم القيامة هذه الرحمة الواحدة إلى التسع و التسعون رحمة؟ أو ما هي هذه الرحمة الواحدة في الدنيا؟
إذا أردت أن تتعلم الرحمة أنظر إلى أمك، إذا أردت أن تتخيل التسع و التسعين رحمة انظر إلى أفعال أمك منذ أن ولدت، فهذا قد يقرب إلى ذهنك شيئا فشيئا كيف هي رحمة الله بعباده واسعة.
و هنا أريد أن أشير إلى نقطة مهمة جدا، ألا وهي أنك منذ أن أصبحت أما، أصبحت دالة على رحمة الله سبحانه و تعالى. و هذا هو سبب استجابة دعائك فليس هناك من يستطيع أن يدعو الله لابنك، و تفتح أبواب السماء للدعاء مثلك أنت،بلسانك و يدك أنت، لأنك تجسيد لرحمة الله سبحانه و تعالى في الأرض، و نموذج في المئة جزء التي أنزلها الله سبحانه و تعالى إلى الأرض.منذ اليوم الذي حملت فيه و أنجبت و اكتسبت كلمة «أم»، أصبحت غالية على الله سبحانه و تعالى، و أصبحت نموذجا يعرض رحمة الله سبحانه و تعالى في الأرض.
هل تريد أن تتخيل كم هي واسعة رحمة الله سبحانه و تعالى؟ اذهب و امسك يد أمك لأنك و أنت تمسك بيدها ستتنزل رحمة على قلبك، و هناك شيء ما سيحدث و ستسري كهرباء في عقلك ووجدانك و قلبك و عاطفتك، تشير إلى أن هناك رحمات من الله عز و جل تتنزل عليك، خلق الله سبحانه و تعالى الكثير من المخلوقات التي بها يمكنك التعرف إلى رحمته مثل الشمس و الهواء و الماء، فكل هذه الأشياء من رحمات ربنا ، و لكنها رحمات صامتة على الرغم من ظهورها، و لكنه خلق لك رحمة تسير معك ليلا نهارا، و بها تتعرف إلى رحمته، بشكل متكلم لا صامت، و هذه هي:أمك.
هل تعرفون قصة سيدنا سليمان عندما وجد امرأتين تتشاجران على طفل رضيع، و تدعي كل منهما أنها أم الطفل؟ ذلك بعد أن أكل الذئب طفل إحداهما، فذهبتا إلى سيدنا داود عليه السلام تحتكمان إليه، فحكم للكبيرة بالطفل ، و بينما هما هكذا، مر بهما سيدنا سليمان،فسألهما عن أمرهما، فحكتا له ما حدث، فقال إنه ليس ثمة مشكلة، و إن الأمر بسيط، و إن عليهما أن تقطعا الطفل بالسكين إلى نصفين، و تأخذ كل منهما نصف الطفل، و أمر بإحضار السكين بسرعة: فقالت إحداهما بسرعة:« يرحمك الله ارحمني..هو ابنها» فقال لها:« يرحمك الله هو ابنك». لقد علم سيدنا سليمان أن من تملك تلك العاطفة هي الأم، أي أنه عرف الحقيقة بالكشف عن عاطفة الأمومة، و حكم بالطفل للصغرى و ليس للكبرى. و قد نزل هذا في القرآن حيث يقول تعالى:(ففهمناها سليمان...)(الأنبياء).
و الأم غالية عند الله، و لذلك يقول النبي صلى الله عليه و سلم عن أجرها لتربيتها أولادها إن لها أجر الصائم القائم، أي أن حمل الطفل و تغيير ملابسه و البكاء و الرضاعة ليلا و نهارا ووصل الليل بالنهار استيقاظا مع الطفل، ففي كل لقطة من هذه اللقطات يكون للأم أجر الصائم القائم، أي أنك صائمة طوال النهار ، وقائمة طوال الليل. و لنا أن نتخيل هذه الحال في عدد السنين، و عدد الأطفال: هل هم اثنان أم ثلاثة أم أكثر؟ ثم نوجد حاصل ضرب عدد الأطفال في عدد سنوات التربية، لنعلم كم من الأيام قد صامت هذه الأم و لم تفطر، و كم من الليالي قامت هذه الأم و لم تنم. إذا كانت الأم بتربيتها و رعايتها لطفلها تسبق أجر الصائم القائم، فليجتهد العباد ما شاءوا و ما استطاعوا. فمن ذا الذي يستطيع أن يصوم و لا يفطر، و يقوم و لا ينام لاثنين أو ثلاثة من الأعوام المتصلة؟
تسجل الكتب السماوية قيمة الأمومة، حيث يقول القرآن:( و أوحينا إلى أم موسى أن أرضيعه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم..)(القصص). انظر إلى مشهد الرضاعة، بل لماذا ذكر هذا المشهد من الأصل؟ أليس الهدف من الآية أن تأمر أم موسى بإلقاء ابنها إلى اليم إن هي خافت عليه؟ هل أمر الرضاعة زيادة؟ لا بل إن لقطة الرضاعة و مشهد الأم و هي ترضع طفلها يجب أن يكتبا في الكتب السماوية و أـن يذكرهما القرآن، هل ترين مدى عظم قيمة الأم عند الله؟ و لماذا كل هذا؟ لأنك تجسدين رحمة الله سبحانه و تعالى، أي أن البشر يتعرفون إلى جزء الرحمة المنزل من الله عز و جل إلى الأرض بك، و يتخيل بك التسعة و التسعون جزءا من رحمة الله عز و جل التي لم نراها بعد.
قاعدة اليوم و هي، أنت غالية يا أمي فأنا أهدي إلى كل أم هذه الفكرة الجديدة هي تقول«يا أم ..أنت معمل الحياة و قبسة من نور هذا الوجود ، أنت صدر رحب يتسع رحمة و حبا، أنت وطن كله عطاءا و سخاءا فيا شباب قولوها لأمهاتكم  و أنا أقولها لأمي. و يا أمهات قلنها لبعضكن. يا بناتنا  قد ولدتكن أمهات و هذا يجب أن يكون مدعاة فخر لكن إياكن أن تفسدن هذه النعمة و الجوهرة التي أعطاكن إياها الله.كيف يمكن أن تفسدهن؟ تكون هذه بمصادقة الأولاد في الحرام و الزواج العرفي و بالعلاقات في الحرام، وبهذا تفسدين ما يجعلك أما، يا أمهات علمن بناتكن حقيقة الأمومة.قولي لابنتك أنت غالية جدا، أنت تقومين بأعظم مهمة في الدنيا، الغرب الذي ضحك عليك يغير كلامه الآن. يا بنات هل تفهمن هذا؟ و أرجوكن أن لا تتجاهلنه.
أماه،أختاه، أيتها الزوجة الطيبة أنتن سر و جودنا و قد يكون هذا السر هو منبع سعادتنا في حياتنا،.فقاعدة اليوم لي و للشبان والشابات و للأمهات و للآباء هي أنت غالية يا أمي. فإياك أن تعذب أما، و إياك أن تحرق قلب أم، و إياك أن تغضب أما فتغضب الله سبحانه و تعالى.