adsense

2019/11/23 - 10:13 ص

بقلم عبد الحي الرايس
الإعاقةُ ابتلاءٌ وقَدَر، قد تكون خِلقة، وقد تطرأ على الإنسان بسبب حادثٍ أو مرض، وكثيرون هم الذين تكيفوا معها وتجاوزوا تحدياتها بفكر وصبر وجلد.
والمجتمعاتُ الناهضة ـ في سعيها الحثيث لتحقيق العدالة الاجتماعية وتعميم تكافؤ الفرص ـ تعملُ جادةً على تكييف ظروف الحياة في تجلياتها المختلفة حتى تٌوفر الكرامة للجميع، وتُيسِّر أسبابَ الولوج إلى مختلِفِ المجالات والمرافق دون مَيْزٍ ولا مفاضلة بين رَاجِلٍ وكسيح ، أو كفيفٍ وبصير، فكل المواطنين في الاهتمام وتأمين الْخِدْماتِ سواء، وعندها يتحرك الجميع في كل الفضاءات، لقضاء جميع الأغراض بكرامةٍ واعْتداد، لا يُمايزُ بينهم غيرُ قابلياتهم وكفاءاتهم وإخلاصِهم في ما يمارسونه من أعمال، أو يضطلعون به من مهام.
يقوم شاهداً على ذلك أن المُعاقَ عندهم يتنقلُ بكامل اليُسْر في كل الاتجاهات، ويَلِجُ مُختلِفَ الفضاءاتِ والناقلات، ويُمارسُ مختلِف الاختصاصات، ويرتقي أعلى المراتب والدرجات.
أما التَّعْويقُ فطارئٌ من المؤثراتِ الخارجية، نتيجةَإهمالٍ وتقصير من المجتمعات المُتخلِّفة، أو سُوءِ تدبير لا يُلقِي بالاً لذوي الاحتياجات الخاصة، فيَنْصِبُ الحواجزَ ويُسِيءُ تدبيرَ المجال، إلى حَدِّ أنه يجعلُ السليمَ مُعاقاً، ويسْحبُ من المُعاق فُرْصته في أن يُحسَّ بالكرامة والاطمئنان إلى تيسير وتعميم الولوجيات في الفضاءات العمومية، ونحو دروب الحياة.
يتجلى ذلك أكثر ما يتجلى في تَعَذُّرِ الالتحاق بالقطار أو الولوج إلى الحافلة، وفي صعوبة السير على أرصفةٍ تتعددُ اختلالاتُها إلى حَدٍّ يَبْعثُ على القول بأن مخاطر الطريق قد تصير أحياناً أهْوَنَ من مخاطر الرصيف.
ومما يُحَيِّرُ العقول أن تكون المُصادقةُ ـ في بلدٍ ـ على قانونٍ ينتصرُ لتعميم الولوجيات عند مُسْتهلِّ الألفية الثالثة، ويستمر العمل بنقيضه رغم تلاحق السنوات والعقود.
ولا أدَلَّ على ذلك من أن شركةً للحافلات بمدينةٍ عريقةٍ أصيلة لم تكْتفِ بصعوبة ارتقاء الدُّرَج إليها، وإنما أقامت حواجزَ بِمَنْفَذِها تتحدَّى السَّليمَ قبل المُعاق، وبذلك أثبتتْ تَفرُّدَها بين حواضر العالم في التصامُم عن تأمين الولوجيات، وإصرارها على التراجعِ إلى الخلف تشبُّثاً بإقامة الحواجز ومضاعفةِ التحديات.
وحينما يتشبَّثُ معاقٌ بحقه كمواطن  في ولوج النقل العمومي فإنه يوجه صَكَّ إدانةٍ للجميع.
فمتى تتفتحُ العقول، وتنضجُ الرؤى، ويتنافسُ الجميع وينتصرون لتعميم الولوجيات، وأنْسنةِ المبادراتٍ والممارسات.