adsense

2018/04/27 - 3:21 م


بقلم الأستاذ عبد الحي الرايس
ثمَّة أمْصَارٌ تنْعَمُ بقدْرٍ عالٍ من الاستقرارِ والمردوديةِ والأمان، نافسَتْ غيرَها مَواقعَ الصدارةِ في الإنتاج، وصارتْ مَضربَ الْمَثلِ في رَفَاهِ الْعْيش والريادةِ والابتكار، وَصَلَ فيها إنصافُ المواطنِ وتكريمُه إلى حَدِّ أنَّه ـ  في استفتاءٍ عنِ الزيادةِ في الأجر ـ زَهِدَ فيها وآثر رَصْدَها لِلْمَرافقِ العمومية، وتخصيصَها لتحْسين إِطَارِ الحياة.
وأخْرى تُعاني من غير قليلٍ من الفتنِ الداخلية، والمكائدِ الخارجية، ويشكو فيها المواطنُ من التفاوتِ الصارخِ بين الْمُثري النبيل، والْمُمْلِق الفقير، حتى إذا هبَّتْ عليها موْجةُ احتجاج أضرمتْ فيها نارَ الْفُرْقةِ والشتات، ومَكَّنَتِ الْمُتَربِّصينَ الطامعين من التدخُّل والاِجْتياح.
والْمُتتبعُ المتأمل يَجد أنْ ليس هناك اختياراتٌ شتَّى لِدرْءِ الفتن، وتفادي الأخطار، وإشاعةِ العدل، وتحقيقِ السلام.
وإنما هناك اختيارٌ وحيدٌ مُمْكن يقومُ على تعْميمِ وتقويةِ ثلاثةِ أركان:
تعليم وتخليق وتشغيل
- تعليمٌ وطني إلزامي وعمومي يكتشف في كل فرد قابلياته، ويُمَكِّنُهُ من تحقيق ذاته، وِفْقَ مُيوله وقُدُراته، يُؤهِّلُهُ لاِختيار وِجْهته ومِهْنته، ويُرافقه بالتكوين المستمر مدى حياته.
- وتخليقٌ يُنَمِّي لَدَيْهِ الوازعَ الداخلي تأثّراً بالقدوة والمثال، وتشبُّعاً بالعقيدة والإيمان.
وتفْعيلاً للمراقبةِ والمحاسبة، التي أثبتتْ فعاليَّتها حتى في الأقطار التي لا تنْتحِلُ مِلَّةً ولا تَدِينُ بِعقيدة.  
- وتشغيلٌ يُؤَمِّنُ فُرَصَ العيشِ الكريم، والكسْبِ الشريف، يُشجِّعُ على بِناءِ الْأُسَر، أساسِ تماسُكِ المجتمع، ولا يُبْقِي على عاطلٍ يائس، ولا مُتشردٍ تائه.
فإذا تحقَّق ذلك اسْتَتْبَعَ وَعْياً والتزاما، وتكافُلاً وعَدْلا، وتضامُناً وأمْنا.
اختيارٌ وحيدٌ مُمْكِن ، قد يكونُ صعْباً ولكنه ليس بمُستحيل.
فهل من مُرْتَادِينَ لهذا السبيل؟
لنْ يُنْقذوا بذلك الْمِصْرَ، وإنما سَيُنْقدونَ الْأمْصَار.
بل سَيُوحِّدُونَ الْأُمَّة، ويُعِيدُونَ لها الْمَجْدَ والاِعْتبار.