adsense

2016/02/20 - 7:08 م


مصطفى منيغ
مدينة "سَطَّات" ابنة "البَصْري" الحسناء المًدلّلة ، استوطن جنباتها اليأس المُوَلِّد فيروس المذلة ، واعتلاها ما صَغَّرها لتعود حافية الأزقة والحياة فيها مُرهقة والطموحات في المجمل "مُبَهْدَلَة" ، وهي التي خطبها الحظ مرة فناشده وَلِيُّ أمرها أن يدفع مهرها "مَسَلَّة " ، لم يقدر على رفعها صخرة منحوتة منزوعة من جبل واحد بطول مئات الأمتار فوق سطح البحر فراعنة مصر لا في الجيزة أو أصوان أو معابد الفيلة ، تقام في ساحة لا تضاهيها أخرى تؤجج حماس من يفكر في الأحلام الوردية تحرير "سبتة" و "مليلية" راكبا على بغلة، درست في "زْعَيْر" محصولي القمح والشعير وانتقلت بثمن بيعه ترقص مع شيخات عاصمة "العيطة " ككل ليلة ،
صعب أن تجعل مدينة حكا الافتخار فيها لِما يبكيها الآن، قلّدت "فاس" في صرف ميزانيات التجهيز والصيانة وتوفير أجود الخدمات، لتبرز كمقر في الظل لأم الوزارات، ملحقة "تاونات" مساعدة لها ، فارضة أن تكون ممر أي شيء يتحرك ، طريقا سيارا سريعا وقطارا لها أوقات تعاند بها  في الدقة المطبقة لدى مؤسسات السكك الحديدية الأوربية، ونصيبا محترما من الاستثمارات العمومية ، ولا أحد استطاع أن يعارض ، أو على راعيها وحاميها أي أسلوب فارض .
اليوم تبخر اسم البصري، واختلط على "سطات" كل أمر، قائم على أمر، مركب من أجل أمر ، مودعةً مواسم الفرح المصطنع ، مستقبلةً الولوج في مرحلة تبدد التفنن في تنويع الزرع ، لتستبدل الشراء بأبخس بيع ، وبالتالي التوقف عن نفس المشي مكتفية  بالانزواء التدريجي، تنغيصا على الجودة لتحصل للرديء العودة .
سُنَّة الحياة أن تكون البدايات (مهما طال أمدها) نهايات، أما في المغرب فواحدة ويكفي ليمحو الزمن كل السجلات ، ليبقى صنف من التاريخ (المدفوع الأجر) أبيض الصفحات، إلا ما تضمن منها تحقيقا للمقدرة عليه من الغايات ، لأنه المغرب، حر في تدبير شأن نظامه دون تدخل المنطق أو الحريات، (مهما كانت عامة) أو الديمقراطية المحلية بألف حكاية و حكاية مروية أو المنقولة أثناء مواعد الرقص والتطبيل والتزمير  وفتح ما كانت للتمويه خزانات، الممولة من صناديق سوداء لا تطالها رقابة ولا يعرف مصدرها إلا من شاخ في وزارة الداخلية أثناء عهد وَلِيِّ أمر "سطات" التي ضيع على (فاس) من أجلها نصف ما ملكته الأخيرة "آنذاك" من نفوذ وهيهات أن تسترجعه ولو مقامات .
... هناك من يرى أن "سطات" أكبر من ذاك الشخص المرتبط اسمه بها ، لما مثله خلال سنوات الظلم والقهر والجور ، في السر غالب الأوقات، وعلانية متى ظهر أحد أبناء الشاوية الأحرار، ليتلقى بصدر عاري طعنات المنافقين حتى يصمت أو تحت التعذيب يموت ، صراحة ثمة أجزاء من مرحلة استحوذت على قيم المدينة المناضلة بامتياز وجردتها من نخوة قبائل دوخت الاستعمار حتى اندثر ، فضلت تشييد دورها بحس مشبع بالرفعة والعزة والسؤدد على ارتفاع يقارب الأربعمائة متر فوق سطح البحر بسهل شاسع محصن بأبراج طبيعية جعلت المساحة أية من جمال لا يمكن الإحساس به إلا بالصعود حيث يتراءى مشعا اخضراراً ينتقل مع ألوان السنابل حتى لحظة الحصاد ، لكن الدولة في سياسة ذي شطرين أولاهما داعي لخلق نجوم للعبي مثل الأدوار متى كانت الحاجة إليهم ملحة ، نفس الدولة بنفس السياسة في شقها الثاني قاصد إبعادهم ، كل واحد بطريقة جد مدروسة يُراعَى فيها المكان ويُتَّخَذ لبدئ العد التنازلي لها المناسب من الزمان . العملية لم تقتصر على عاصمة الشاوية فقط ، بل عمت مدناً مغربية أخري، شكَّلت هاجس التأثير برياح غير مرغوب فيها على جهة بأكملها ، فكان "بصري" فاس , و"بصري" الدار البيضاء ، و"بصري" مراكش ، و"بصري" الرحامنة و"بصري" العيون، و"بصري" كلميم، والقائمة طويلة طول بُعْدِ نظر سياسة محورها برامج، لا يمكن لأي كان الاطلاع على فحوى فقراته ،وأسماء تهيأت كل الآليات لجعل أصحابها الرجال المناسبين لاستقطاب ما قد يستقطبون، مقدرة بدقة أعمارهم الافتراضية التي إن حلت يُطبق عليهم  المثل الشائع " أُكِلَت لحومهم و رُمِيَت عظامهم، تجسيدا لكبش فداء، تُعلَّقُ على خنقه كل السلبيات المعاشة إبان ما حصل بأمر وليس بالصدفة