adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/02/13 - 10:27 ص

نادي القراءة بالثانوية الإعدادية ابن سينا، تأطير ذة: حسناء وهابي

في الزمان الذي غاب فيه الأمل، تاهت الكلمات بين خيوط السكون، والشوارع التي كانت يوماً مليئة بالضحكات، أصبحت خالية من الصوت. كل زاوية تحمل ذكرى، وكل خطوة تقود إلى فراغ، الأحزان تنمو في القلب مثل شجرة خريفية تذبل أوراقها، وتبقى جذورها عميقة في الوجدان، تذكرنا أن بعض الجروح لا تلتئم، بل تظل تنزف في صمت. كيف يمكن للزمن أن يداوي الألم، بينما بعض الأشياء لا تستطيع حتى الذكريات أن تعيدها كما كانت؟

سنة 2020 تحمل ذكرى حزينة جدا في قلبي، لأن في هذه السنة فقدت أقرب  الناس إلي، في اليوم السادس عشر من شهر دجنبر سنة 2020، راح جدي إلى دار البقاء ، كان أسوء يوم في حياتي، ملامحه ظلت  راسخة في ذاكرتي كأنني رأيته اليوم صباحا، كان أطيب خلق الله، كان رجلا صالحا ترك فراغا في قلوب العائلة جميعها ، كان يؤنس وحدتنا، لقد اشتقت إليه كثيرا، أتمنى له اليوم الرحمة والمغفرة من  الله وأن يطيب الله ثراه، وإن شاء الله يكون له مكان بين أصحاب الجنة، بعد شهر من وفاته أدركت أن جدي ذهب إلى مكان ليس يوجد به لا ألم ولا حزن، وأنه لو كان على قيد الحياة لمرض مرضا شديدا ، قدر الله وما شاء فعل، ربما موته كان أفضل إليه من حياته ربما كان سيتعذب في حياته لذلك الله أخذه.

 هذا الأمر علمني القوة والصبر، فالبعض يرى فقط نجاحي ولكن لا يرى سقوطي، والمعاناة و الضغوطات التي مررت بها في رحلتي الدراسية، فالدراسة رحلة شاقة جدا،  ولكن  وراءها شيء آخر خفي؛ وهو النجاح و تحقيق الطموح وتسلق جبال الأعمال و ضغوطات الحياة اليومية ومن نصي هذا أريد الجميع أن يستنتج بأن الحياة مراحل إذ لم تنجح في الدراسة فكر بالعمل، و إذا لم تنجح في العمل فكر  بالدراسة، لأن الحياة قطار  مستمر لا يتوقف مهما سقطت.

 لقد تعلمت من الحياة أنه ليس من الضروري أن تكون مع من تحب وفي المكان الذي تحبه لتعيش  حياة بهيجة وسارة،  كأول مرة أرى فيها مدرستي عن كثب. ففي أول خطوة خطوتها قبل الدخول ضمتني أحاسيس متضاربة.. السعادة والحزن ، الحب والغضب، وراودني أيضا إحساس غريب، وهو الاشتياق، اشتقت كثيرا إلى الابتدائية وإلى اللعب مع إخوتي في الإجازة الأسبوعية، وإلى عائلتي التي شجعتني وكانت رفقتي في كل مكان وزمان.. أحسست بالمسؤولية لا أعرف لماذا راودني هذا الشعور ولكنه كان متغلبا علي، وفي كل خطوة أخطوها أحس بأن شعوري يتغير من الحزن إلى السعادة، وأنا أمضي من قسم لآخر أحس وكأنني اقتربت كثيرا من مرادي.

 لقد شعرت بفراغ شديد  في قلبي و كأنها النهاية، الدموع تنسكب من مقلتي  مثل المطر، و لكنها لا تغسل الألم، إنني  أشعر بالوحدة في ظلام الليل و كأنه يلفني بظلامه .

كل شيء يبدو مظلما ، كل شيء يبدو بلا أمل ، أشعر أنني أفقد كل شيء، القلب يبحث عن السكينة و لكنها تختفي مثل الرياح ، الحياة تمر و لكن الألم يبقى .

أتمنى أن أجد السكينة و أتمنى أن أجد الفرح ايضاً، فالفرح يغمر قلبي مثل الشمس التي تشرق، و الابتسامة تملأ وجهي مثل الزهور التي تتفتح، أشعر بالراحة و السعادة مثل الليل الهادئ، الفرح يملأ حياتي مثل الألوان البلورية في السماء، الفرح يملأ قلبي مثل النهر الذي يجري بلا نهاية. فلتكن هذه اللحظة بداية لفرح جديد ، لفرح يملأ قلوبنا و يجعلنا نبتسم دائما.

 عشت مع عائلتي في منزل صغير - في قرية بعيدة عن المدرسة- يكاد يقتصر على توفير أساسيات الحياة كانت أسرتي فقيرة جدا ، وكان والدي يعمل بكد في عمله، لكنه أصيب بمرض فجأة أعجزه عن العمل، ولم يكن المرض هو ما قيد حياته، بل الأحرى صعوبة العيش في القرية و تدهور صحة والدي، بدأت المعاناة تزداد، لم يعد هناك دخل تابث يمكن أن يغطي احتياجاتنا اليومية، ولم يكن بإمكاننا  شراء الكتب و الأدوات اللازمة للمدرسة، أصبح التعليم حلما بعيد المنال، هو حلم كان يبدو مستحيلا في ظل تلك الظروف القاسية، لكنني واصلت وثابرت، ولازلت أثابر حتى أحقق مبتغاي وأحسن وضعيتي الاجتماعية. فالحياة لا  قيمة لها إلا إذا وجدنا  شيئا نناضل من أجله، إنها مرآة توصلنا  إلى أفضل النتائج حين نبتسم لها،

فالحياة مثل القمر، تارة تجدها ممتلئة و منيرة وتارة فارغة و مظلمة، إنها وجهين لعملة واحدة، لذلك وجب علينا التعايش معها ومسايرتها في كل الظروف و الأحوال.