adsense

2023/07/09 - 10:31 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست.

كاد يمر عيد الأضحى لهذه السنة على ساكنة فاس الجديد كما الأعياد  السابقة ، لولا ما سنته عبقرية الأخ "حسن الرياحي" -أحد أبناء الحي البررة – من سنة حميدة ، يعن ويظهر أنها ستتحول -إن لم يكن قد تحول بالفعل - إلى عادة متواترة  لدى كل من مل  التواصل الافتراضي ، الذي لا يروي الأحاسيس المرهفة ، ولا يشبع المشاعر الحساسة ، والسنة التواصلية مبتكرة التي استطاعت  إستقطاب عددا كبيرا من نخب الحي المتميزين وساكنته الفضلاء وزواره المرحب بهم  للمشاركة في البادرة المبتكرة للاحتفال بعيد الأضحى المبارك لهذه السنة ، والذي فاقت أعدادهم بكثير ما عرفته  نسخه السابقة ، التي أبى صاحب الفكرة/المبادرة إلا أن تخالفة بعض الطقوس العيدية المستحدثة الافتراضية ، وتكون نفس النكهة التواصلية التي اعتدنا عليها في طفولتنا المتقدمة بكل ما تحمله من اللمات العائلية التي كانت تقطر بأرقى مشاعر صلة الرحم المحسوسة وأحاسيس التعاطف والتآزر الملموس ، والتي كانت تثير في الأهل والأحباب والأصدقاء والجيران أشواق معانقة الذكرياتٌ الحلوةٌ ، وتوقظ فيهم الرغبة في ربط الحاضر المتغيّرة  ، بالماضي الذي يحِنّ الناس إلى أمجاده، والتغنّي بجمالياته ، وتدفعهم للبحث فيه عن الأصالة والبراءة التي لم يعُد لها وجود ، إلا  في مثل هذا اللقاء "الفنطاستيكية" الذي اجتمع له وفيه أبطال من الجيل الأول والثاني وحتى الثالث ، وأطل من خلاله رموز الحي المتميزين – الذين نحب ونفرح ولا نمل من لقائاتهم أطال أعمارهم- الذين شرفوا مبادرة هدا العام أمثال : قيدوم لاعبي الحي في كرة القدم ، الفاضل مولاي ادريس ، والسيد مجيد جليلة الحارس الدولي وحارس فريق الوداد الفاسي، والسيد إدريس كرامي لاعب المغرب الفاسي ، والسيد عمر مافير (اعويرة)، والسيد باعلي لاعب الوداد الفاسي ، والسيد باسم الهواري النجم السابق للمغرب الفاسي والمنتخب الوطني لكرة السلة...وغيرهم كثير من جهابذة الرياضة وأبطال كرة القدم الذين أثروا لمة "ولاد الحومة"، بما بعثوا في فضاءاتها من مشاعر الود وبعثوا في سمائها من أطياف المحبة ، وصبغوا لحظاتها بألوان صلة الرحم وبهائها ، ورسموا البسمة والانشراح والطمأنينة على شفاه الحضور ،والرغبة في تكرار تجريبها لعدد لا محدود من المرات ،  حتى يستعيد عيد الأضحى وغيره من الأعياد والمناسبات ما فقدته من قدرات لماتها التواصلية  الزاخرة بالمودة وصلة الرحم  على تقوية الروابط الأسرية والاجتماعية، التي تمنح مذاقات خاصة لتحلقهم التلقائي حول الموائد العامرة -التي أعدت بفنية وذوق - وهم يرتشفون كؤوس الفرح بلقاء الأهل ،ومصافحة الأصدقاء ، واحتضان المعارف والجيران وتوزيع الضحكات في زحمة المناقشات وتعدد الآراء ، وتبادل أجمل التهاني ونثر  وأرق كلمات التراحيب بالعيد ، التي يطنب البعض انتقاء عباراتها بدقة ، و يوجز البعض الأخر التعبير عنها ، ويختصرها ٍخرون في العبارة الدارجة المتوارثة "كِيفْ خرجتْ دُوَّارْتْكْم **" التي لازالت تطل بقوة على حاضرنا من سماء الماضي السحيق، بكل براءتها وسذاجتها، بساطتها وتعقدها ، هدوئها وهرجها ، رزانتها وسخيرتها ، التي تعود  بالذاكرة إلى أيام الطفولة حيث كان المغاربة - ولازال الكثير منهم يتداولونها بينهم للسؤال عن الأضحية كرمز للعيد..

وفي الختام لا يسعني إلا أن أتقدم باسم كل الفسجديديين ببالغ التحيا وفائق التقديرات لمبدع للمبادرة والمشرفة ، والذي أثير انتباهه بكل احترام وتقدير لجهوده ، إلى تساؤل يُطرح بإلحاح بين ساكنة الحي، حول اقتصار لقاء "ولاد فاس الجديد" على أبطال كرة القدم وعشاقها فقط ، بينما أهمل باقي جماهير الساكنة التواقة للمشاركة بمختلف شرائحها في كل ما يصل الرحم بين الفسجديديين، ويُعلي القيم الإنسانية، ويرسخ الرقى والتلاقي والمحبة بينهم جميعهم ،ويوحد صفوفهم للنضال في سبيل قضاياهم الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية الملحة .

وشكرا لكل من ساهم في المبادرة وكل عام وهم بخير..   

**هوامش:

كِيفْ طَلْعَاتْ دُوَّارْتْكْم :عبارة يتداولها المغاربة فيما بينهم للسؤال هل الأضحية جيدة أم لا .. والدَوَّارَة هي ما يحويه بطن الذبيحة من معدة وكبد ورئة وما يجاورها ويرتبط بها، والتي تهيئ منها وجبة غذائية لحمية لضحى اليوم الأول للعيد الكبير.