adsense

/www.alqalamlhor.com

2023/07/10 - 1:21 م


على الرغم من شروعها في استغلال منجم الحديد "غار جبيلات"، الموجود بولاية تندوف، بشراكة مع الصين، إلا أن الحكومة الجزائرية لا زالت تلتزم الصمت بخصوص الوضع القانوني لهذه العملية في ظل سريان اتفاق الاستغلال المشترك الذي يربطها بالمغرب منذ 1972، وهو الأمر المرتبط بشكل عضوي أيضا باتفاق البلدين على ترسيم الحدود بينهما.

ولا يزال صوت الجزائر خافتا بخصوص تبرير خرقها لاتفاق الاستغلال المشترك لهذا المنجم المبرم مع الرباط والتي تسري مدته لـ 60 عاما، وهي الوثيقة التي نشرتها الجريدة الرسمية الجزائرية قبل 50 سنة، مرفوقة بأمر يحمل توقيع الرئيس الراحل هواري بومدين، ويحمل رقم 73 – 21 بتاريخ 17 ماي 1973، عبارة عن مصادقة على اتفاقية التعاون الثنائية من أجل "استثمار منجم غارة جبيلات والموقعة بالرباط بتاريخ 15 يونيو 1972".

ويتعلق الأمر، حسب نص الاتفاقية التي تتوفر "الصحيفة" على نُسخة منها كما نُشرت في الجريدة الرسمية الجزائرية، باتفاقية دولية تحمل اسم "المعاهدة الجزائرية المغربية المتعلقة بخط الحدود القائمة بين الدولة المغربية والدولة الجزائرية"، وهي الوثيقة الموقعة في الرباط بين الملك الراحل الحسن الثاني وهواري بومدين باعتباره آنذاك رئيسا لمجلس الثورة، إثر انقلابه على الرئيس السابق أحمد بن بلة.

ويُفسر هذا الأمر الصمت الجزائري الرسمي حول المآل القانوني لهذه الاتفاقية، في ظل إصرارها على الانفراد باستغلال منجم "غارة الجبيلات" بشكل فردي، بشراكة مع 3 شركات صينية، على الرغم من أن الاتفاق ساري المفعول، ذلك أن هذه الوثيقة لا تُحدد فقط طبيعة استفادة البلدين من كميات الحديد التي يُوفرها المنجم، ولكنه أيضا يُنهي النزاع الحدودي بينهما.

وبصيغة أخرى فإن ثبوت خرق الجزائر لهذه الاتفاقية أو إلغاء بعض مضامينها من طرف واحد، يعني أيضا أن المغرب، لو تعاملَ بالمثل، يُمكنه أن يُجدد مطالبه بخصوص العديد من الأراضي الموجودة حالية تحت السيادة الجزائرية، وتحديدا أراضي الصحراء الشرقية التي تضم حاليا ولايات تندوف وبشار وأدرار، وهي أجزاء من أراضي المملكة المغربية التي ضمتها فرنسا إلى الجزائر.

وكان البلدان قد دخلا في نزاع حدودي في الستينات، ويتعلق الأمر بحرب الرمال سنة 1963 التي استطاع خلالها الجيش المغربي الوصول إلى عمق الأراضي المتنازع عليها قبل أن ينسحب بعد وساطة من جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية، وبعد سلسلة من المفاوضات وقع البلدان اتفاقية ترسيم الحدود بعد نحو 8 سنوات من انتهاء الحرب، والتي تنص على الاستغلال المشترك لمنجم غارة الجبيلات.

وتتمسك الجزائر بمبدأ "الحدود الموروثة عن الاستعمار" من أجل "إثبات" سيادتها على أراضي الصحراء الشرقية، وكان المغرب قد طوى هذه الصفحة من الناحية الرسمية عقب توقيع اتفاقية ترسيم الحدود في السبعينات، لكن بعد خرقها من طرف الجزائر العام الماضي بدأت المطالب بتلك الأراضي تعود إلى الواجهة، خصوصا وأن المملكة تتوفر على وثائق تؤكد ذلك.

وفي فبراير الماضي بدأت إرهاصات هذه المطالب تبرز بشكل أوضح حين تحدثت بهيجة السيمو، مديرة مديرية الوثائق الملكية، عن وجود دلائل تؤكد أن منطقة الصحراء الشرقية أراضٍ مغربية اقتطعها الاستعمار الفرنسي، كان ذلك عند مشاركتها في ملتقى وكالة الأنباء الرسمية لمناقشة موضوع "الوثائق الملكية، مؤسسة في خدمة تاريخ المغرب".

وتنص الوثيقة المنشورة في الجريدة الرسمية الجزائرية سنة 1973، على أن الجزائر هي مالكة لمنجم "غارة الجبيلات" وأنه يوجد على ترابها، وأن المغرب في المقابل يتوفر فوق ترابه على إمكانية تصريف معدن حديد غارة جبيلات وشحنها عن طريق ميناء يقع على شاطئ المحيط الأطلسي، لذلك تم إنشاء شركة جزائرية مغربية للاستثمار في المنجم لنقل 700 مليون طن من الحديد بواسطة القطار إلى غاية شحنها في الميناء.

والشركة التي تتحدث عنها الوثيقة تمتلك مؤسسات الدولة الجزائرية ونظيرتها المغربية أسهمها مناصفة بالتساوي، على أن تعود ملكية المنجم للجزائر بشكل كامل بعد 60 عاما على هذه الاتفاقية، ما يعني أن الاتفاق لا زال ساري المفعول لنحو عقد آخر، علما أن احتساب موعد الاستغلال المشترك ينطلق من تاريخ البدء الفعلي في العملية.

وبشكل غير رسمي، تتعلل الجزائر بأن هذه الشركة لم يتم إحداثها، وبالتالي أصبح هذا الاتفاق لاغيا، رغم أن مراجعة الوثيقة لا يشير إلى ذلك بأي شكل من الأشكال، وقد شرعت بالفعل في استغلال المنجم في يوليوز من سنة 2022 لاستخراج احتياطاته المقدرة بأكثر من 3 مليارات طن من الحديد، لكن بشراكة مع 3 مؤسسات صينية.