adsense

2023/01/07 - 9:40 م

 بقلم عبد الإله الوزاني التهامي

يحيلنا تحليق الرئيس الفرنسي في وقت مصيري وبسرعة البرق إلى قطر المحتضنة للعرس العالمي، دون كثير تفكير إلى القاموس السري العلني لعالم "كيفية اشتغال"  لوبيات الضغط، لحسم المعارك لصالح جهة في ظرف قياسي ومرحلة مصيرية.

لذلك ظهرت نتيجة المباراة بشكل جلي، لم يكلف المتتبعين و"المشجعين" من الفريقين عناء التخمين والتحليل، حيث فعل الفاعلون فعلهم بدقة كبيرة، وفي اتجاهات مختلفة، على رأسها حكم المباراة الذي تم التواصل معه في غرفة مظلم، حسمت معركة المباراة فور إقلاع طائرة "ماكرون" من باريس ونزولها بساحة المباراة.

عموما، إن كل حركة تعتمل في المجتمع المحلي أو الدولي ، على المستوى العمودي أو الأفقي ، إلا و تحركها عوامل و دوافع ، يقف وراءها و أمامها أشخاص أو هيئات أو قوى ظاهرة أو خفية ، و تلك القوى لا تنشط إلا عبر آليات و وسائل، إما قانونية واضحة خاضعة للمعتاد الذي درج الناس على الانتهاء بنهيه والائتمار بأمره، أو تنشط و تتحرك وفق أجندة سرية محكمة التنظيم و الضبط، عبر خيوط منسوجة تصل إلى عمق كل إدارة و كل جهاز دولتي ذات سلطة و نفوذ مباشرين.

و للعلم فإن تعبير “جماعات الضغط”، تعبير حديث نسبيا استعمل لأول مرة في الغرب ، و بالضبط في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتقل بعد الحرب العالمية الثانية إلى كافة أرجاء المعمور ، و هي أي الجماعات تضم أفرادا معدودين من الناس توحدهم مصالح و مطامح، قد تكون مؤقتة أو عابرة أو دائمة، و يمارسون ضغطا منظما على السلطات الحاكمة لتحقيق أهدافهم، المطابقة للأهداف “الشخصية” لأصحاب السلطة.

و حسب بعض الباحثين ، فإن جماعات الضغط نوعان: جماعات الضغط الكلي، و جماعات الضغط الجزئي.

يهيمن على جماعات الضغط الكلي هاجس الانشغال بالعمل السياسي، أي ممارسة الضغط مباشرة على السلطات والآخذين بزمام القرار، بشتى أجهزتها وأنواعها، و تتكون من أشخاص متخصصين في التدخل لدى المسؤولين ونواب الشعب والوزراء والموظفون السامون، من أجل الحصول على “امتياز” أو “استثناء” معينين، أو ترجيح كفة على أخرى، وقد يكون تدخلهم لقضاء أغراض تتراوح بين الضخمة والبسيطة.

وفي المغرب كباقي دول المعمور، يلعب بعض الوزراء وبعض النواب وبعض الجنرالات، و بعض النافذين في دواليب الدولة،  دورا مهما في إطار مهمات “جماعات الضغط”، لأن مناصبهم المقربة من الحكم ودواليبه المركزية، تجعلهم يقومون بصناعة شبكات أخطبوطية للضغط بشكل مباشر لصالح جهة أو مصلحة، أو لصالح جهات داخلية أو خارجية أو لصالح أهداف وطنية نبيلة أو مصالح ذاتية خاصة.

والأصل في عمل هذه اللوبيات خدمة مصالح الدولة العليا، لكن الأمر قد يزيغ ويميل لصالح مصالح خاصة، في غفلة من الأجهزة المسؤولة، إلى حين انكشاف الأمر وتدخل الدولة لتقويم الاعوجاج،  ورد القطار إلى سكته الحقيقية.

و يدخل في سياق عمل اللوبيات الضاغطة، الأطر و الكوادر العليا، والحاصلين على الشواهد في تخصصات نادرة و حساسة تهم مجالات مختلفة {اقتصاد، قضاء، جيش، سياسة، تدبير …} ، يضطر أن يحتاجها الحاكم لحساسيتها المفرطة، قضاء لمصالحه و سدا للفراغ، المحتمل لكل التوقعات المضادة لمصالح الدولة والمجتمع.

أما جماعات الضغط الجزئي، فهي التي لا يكون الضغط السياسي المباشر، إلا جزءا من برنامجها العام، وتتم عملياتها عن طريق نقابات العمال أو جمعيات “مصطنعة” أو فعلية، ورغم أن نشاطها لا ينحصر في العمل السياسي أو لا يمت له بصلة، فإنها تلجأ إلى الضغط سياسيا لبلوغ ما تصبو إليه من أهداف تكون في الغالب ذاتية وخاصة لا تخدم الصالح العام.

و فيما يخص التفريق بين جماعات الضغط الكلي وجماعات الضغط الجزئي، فإنه من الصعب وجود فرق كبير بينهما، لأن الحدود بينهما متداخلة ومتشابكة، إلا أن مغزاهما ومرماهما واحد، ينحصر في الوصول إلى قضاء أغراض كبيرة بواسطة  الفعل -أو الضغط- من داخل الأجهزة الحاكمة، التي بيدها مقاليد الفعل تدبيريا في قضايا تهم الشأن العام.

وتلتقي خصوصيات وطرق  لوبيات الضغط في اشتغالها على المستوى الداخلي للدول، مع خصوصيات  وطرق اشتغال لوبيات الضغط على مستوى علاقة الدول فيما بينها.