adsense

2022/12/27 - 2:28 م

مني اللوبي المعادي للمغرب بفشل ذريع حينما عجز عن تضمين جملة من القيود على التعاون العسكري بين الرباط وواشنطن في قانون تفويض موازنة الدفاع الوطني الخاصة بالبنتاغون، فيما يعكس قوة وصلابة العلاقات المغربية – الأميركية.

وحسب موقع العرب، فقد أظهرت بيانات تتعلق بموازنة وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" للعام 2023، خلوها من أي تعديلات فيما يتعلق بالتعاون بين المغرب والولايات المتحدة. كما ثبتت إجراء مناورات "الأسد الأفريقي" للعام المقبل، في انتكاسة لمحاولات جماعة ضغط معادية للمملكة، وتتبنى وجهة نظر جبهة بوليساريو الانفصالية والجزائر، لفرض قيود على التعاون العسكري مع الرباط.

وصادق الرئيس الأميركي الجمعة الماضية على قانون تفويض موازنة الدفاع الوطني الخاصة بالبنتاغون وهيئات أخرى ذات صلة، وذلك بعد إقراره من الكونغرس الأميركي بتوافق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وبلغت الموازنة التي تضمنها القانون 770 مليار دولار، وهي أكبر موازنة دفاع يتم إقرارها في العالم. وتتضمن مجالات مختلفة من بينها شراء المعدات والصيانة والتدريبات والمساعدات العسكرية للدول والمناورات العسكرية الداخلية والخارجية.

وعادة ما يرفق مشروع قانون تفويض موازنة الدفاع باشتراطات لبعض الدول، وكان المستهدف هذه المرة المغرب، حيث سعت جماعة ضغط موالية للجزائر وبقيادة جيمس إينهوف، السيناتور الجمهوري السابق المعروف بمواقفه العدائية للمملكة، إلى فرض جملة من القيود تقيد التعاون الجاري مع الرباط.

ومن بين تلك الاشتراطات المطروحة ربط التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والمغرب بما يشمل التدريبات بتحقيق تقدم في قضية الصحراء، وهو ما يخالف الرؤية الأميركية الرسمية التي اعترفت بمغربية المنطقة، وبوجاهة طرح الرباط للتسوية السياسية لهذه القضية المتفاعلة منذ عقود.

ويرى مراقبون أن عدم تضمين تلك الشروط في الموازنة العامة للبنتاغون، هو انتصار للمغرب، وتأكيد على التزام الولايات المتحدة حيال تعزيز الشراكة مع الرباط سياسيا وعسكريا.

وأكد هشام معتضد، الخبير في الشؤون الدولية والإستراتيجية أن تجديد الولايات المتحدة الأميركية للدعم الذي تقدمه للمغرب دون أي شروط يندرج في إطار التوجه الإستراتيجي الذي تبنته كل من الرباط واشنطن من أجل الدفع بنوعية التعاون الوثيق بين البلدين إلى أعلى درجات التنسيق السياسي والأمني لتحقيق الأهداف المسطرة في مذكرات التفاهم بين البلدين.

وأوضح الخبير المغربي في تصريحات لـ"العرب" أن مستوى التعاون الأمني والعسكري والدبلوماسي الذي يشتغل عليه البلدان هو ثمرة لتوحيد الرؤى حول العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، لافتا إلى أن المغرب والولايات المتحدة يركزان على القيم المشتركة في تنزيل خارطة الطريق التي اعتمدها الطرفان من أجل تنمية شاملة في العديد من قطاعات التعاون والتدبير الثنائي.

وكان السيناتور الأميركي السابق إينهوف قال في يونيو الماضي حينما تقدم باقتراحه بتقييد التعاون مع الرباط وحرمان المغرب من احتضان مناورات الأسد الأفريقي إن المملكة تضع عقبات في طريق تسوية النزاع في الصحراء، وهي مغالطة تسوّق لها الجبهة الانفصالية والجزائر ولقيت صدى لدى اللوبيات المعادية لمصالح المغرب، لكنها تفككت بمجرد خلو موازنة الدفاع الأميركية من أي إشارة ضد الشريك المغربي.

وفشل السيناتور الجمهوري السابق في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس في نوفمبر الماضي لتسقط معه طروحاته العدائية تجاه المغرب، لكنه يواصل قيادة جهود لا يبدو لها تأثير على موقع المملكة كشريك موثوق للولايات المتحدة. ونجح ماركواين مولين النائب عن أوكلاهوما في انتزاع المقعد الذي كان يشغله الجمهوري إينهوف.

واعتبر هشام معتضد أن التشويش الدائم على التعاون الإستراتيجي بين الرباط وواشنطن من طرف بعض الفاعلين السياسيين والمدنيين الأميركيين لم يأت بالنتائج المنتظرة من طرف اللوبي الذي كان دائما ما يعاكس توجه الولايات المتحدة في تقوية علاقاتها الإستراتيجية مع المغرب.

وربط معتضد هذا الفشل للوبي الموالي للجزائر بقوة المصالح الحيوية التي تحدد نوعية التعاون الثنائي بين واشنطن والرباط، وأهميتها الإستراتيجية للإدارة الأمريكية بعيدًا عن الخطابات السياسية والشعبوية التي تسعى لخدمة مصالح شخصية معينة وبعيدًا عن رؤية وقيم الولايات المتحدة على المستوى الخارجي.

وشدد على أن موقف الولايات المتحدة من العلاقات الإستراتيجية مع المغرب ثابت في جانبه المتعلق بالتعاون الأمني والعسكري والدبلوماسي، على رغم تناوب الحزب الجمهوري أو الديمقراطي على قيادة البيت الأبيض.

ورأى الخبير المغربي المقيم في كندا أن هذا الثبات في الموقف مرتبط بكون الرباط دونت مسار العلاقات المغربية – الأميركية في خانة التعاون الإستراتيجي مع المؤسسات الحيوية الأميركية بعيدًا عن المزايدات السياسية المرتبطة بالتوجهات الحزبية الضيقة.

وأعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في العاشر من ديسمبر 2020 اعتراف بلاده بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، وفتح قنصلية أميركية بمدينة الداخلة في الإقليم المتنازع عليه بين الرباط وجبهة بوليساريو الانفصالية.

وبعد خسارة الرئيس ترامب في الانتخابات الرئاسية في مواجهة منافسه الديمقراطي جو بايدن، كان ثمة رهان جزائري على تراجع واشنطن عن اعترافها بمغربية الصحراء ودفعت بشدة لبلوغ هذا الهدف، لكن جهودها وصلت إلى طريق مسدود.

وشددت إدارة بايدن على أنه لن يكون هناك "أي تغيير" في موقفها بخصوص "الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء".

ويرى متابعون أن الموازنة التي صادق عليها بايدن تكرس هذا الثابت في مواجهة مساع يائسة للجبهة الانفصالية وراعيتها الجزائر.

وأوضح الخبير في الشؤون الدولية والإستراتيجية أن تجديد الدعم الأميركي للمغرب دون أي قيود، رغم ضغط بعض اللوبيات الأميركية المناوئة للمصالح المغربية، يعد نجاحا سياسيا ودبلوماسيا جديدا لمنظومة التعاون الإستراتيجي المتجذرة بين الرباط وواشنطن وجوابًا مباشرًا لكل المشوشين الإقليميين والدوليين على هذا النموذج من التعاون في المنطقة، خاصة وأن جوهره يعتمد على تكامل حيوي في العديد من الملفات الحساسة و الجيوستراتيجية المعقدة.