adsense

2021/10/01 - 12:39 م

بقلم عبد الحي الرايس

أحدهما في العاجلة، والآخرُ للآجِلة

فأما الذي في العاجلة فينشد الربح، وتأمين الاستقرار، وتوفير متطلبات الحياة، وهو استثمار بالمال أو بالدراية والمؤهلات، أو بالكفاءة وتقديمِ الْخِدْمَات، وهو سعي في الحياة لتأمين العيش الكريم، والكسب الحلال، وله مرجعياته وضوابطه، وأعرافه وهوامشه، وفيه يتفاوت الناس بما قدر لهم من أرزاق، وبما وظفوه من جهد وراكموه من خبرات.

وأما الذي للحياة الأخرى الآجلة، فاستثمارٌ من نوع خاص، يُلهمه الإيمان، ويبعث عليه الفكرُ والوجدان، وهو في مُتناول كل نَزَّاعٍ للإصلاح، ملتمس للتوبة والغفران، مُتواجدٍ مع أخيه الإنسان، حثت عليه الأديان، له أوجه معلومة في الصدقة والزكاة، وله مَرَاقٍ أعلى، ومراتبُ أسمى، حين برومُ تفريجَ كُربة وفكَّ ضائقة والإسهامَ في تخطي أزمة، وفي ذلك مجالٌ فسيحٌ لتنافس المتنافسين، ورفعِ أرْصدةِ المُستثمرين.

ويسأل السائل: ألا يكون ذلك مدعاة لاستغفال المستغفلين، وتحايُلِ المُتحايلين

ويأتي جواب ذلك من وقائع كثيرة في الحياة تقوم شاهداً على أن من حَسُنتْ نواياه وتعددت تجاربه، خلصت مبادراته وصدقت فراسته، حافزه وباعثه على ذلك قوله تعالى:

"وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتيَ أحدَكم الموتُ فيقولَ رَبِّ لولا أخرتَني إلى أجل قريبٍ فأصَّدَّقَ وأكُنْ من الصالحين"

وفي تجارب الحياة ما يقوم شاهداً على أن "من سار بين الناس جابِراً للخواطر، أدركه الله في جوف المخاطر"

ولو أن الناس تنافسوا في الاستثمار للآجلةِ تنافُسَهُم في الاستثمار للعاجلة لَعَمَّ الخيْرُ، ولما عاد بينهم سائلٌ مَحْرُوم، ونَهِمٌ مُثْرٍ يُنافِسُ في ادِّخارِهِ كُنُوزَ قارون.

لكلٍّ استثمارُه، "ولكلٍّ وجهة هو مُوَلِّيها، فاستبِقُوا الخيرات".