adsense

2020/06/05 - 10:53 م

بقلم عبدالحي الرايس
تسْتَوْقفُ الإنسانية في يومها العالمي للبيئة لسنة 2020 ، فبدلاً من أن يُوتَى فيه بشعار كما جرت العادة، اخْتِيرَ له عنوانٌ مُقتضَب تختزلُه كلمتان هما "التنوع البيولوجي"
وللتنوع البيولوجي يَوْمُه السنوي هو 22 ماي، ولكن المنتظمَ الدولي آثر أن يضعَ الإنسانية أمام مسؤوليتها، فكرَّر العنوان تحذيراً من أن مليوناً من الكائنات النباتية والحيوانية مُهددة بالانقراض، وتذكيراً بأن العمل المُناخي، والحفاظ على التنوع البيولوجي وجهان لعُملةٍ واحدة.
والحال أنه إلى أواخر السنة المنصرمة دأبتْ أجراسُ العلماء، ومؤتمرات الأطراف تدقُّ مُنبِّهةً إلى أن التغيراتِ المُناخية حافلة بخطير المفاجآت.
والأسبابُ كانت واضحة، فهي ناجمة عن الاندفاع في التصنيع التماساً لوفرة الإنتاج، ومراكمة الأرباح، والإقبال على التنقل الجوي والبري والبحري المتسارع، والمعتمد على الطاقة الأحفورية بانبعاثاتها الغازية الملوٍّثة، بوتيرة تتفاقم، وحظيرةٍ تتضاعف، وكذا التمادي في إذكاءِ الحروب واستعمال السلاح.
كلُّ ذلك أدى إلى اختلالاتٍ مُنذرة بتزايدِ اتساع ثقب الأوزون، وارتفاع حرارة الأرض، مما صار يُهدد توازن الكوكب الأزرق، ومستقبلَ الحياة عليه.
وظل الرهان احتواء ارتفاع حرارة الأرض بما لا يتجاوز 1,5 درجة في أفق 2030 فوق ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية.
ما الذي حدث؟
مع مطلع 2020 حل وباء كورونا، فألزم الناس بيوتهم، وأرغم على تعطيل تشغيل المصانع، وتوقيف حركة النقل بنسبة عالية، وخلال أشهر معدودة تجلت الانعكاساتُ تعافياً بيئياً على عدة مستويات منها:
  - انْسِدادُ ثُقْب الأوزن
  - تراجع نسبة تلوث الأجواء
  - تحسن في صفاء مياه الأنهار
  - انحسار في حدة التلوث السمعي
  - استراحة الغابات والمناطق الخضراء
  - عودة الحياة إلى كثير من الكائنات التي كانت مُهدَّدة.  بالانْقراض
وصار على الإنسانية أن تستخلص العبرة ، وتُسارع إلى إحداث تحوُّل في أنظمة التصنيع والإنتاج، وفي وسائل التنقل والأسفار، وأساليب العيش والاستهلاك، وتقاليد التواصل، وأنماط الحياة.
صار عليها أن تمنح البيئة أولويتها، وأن تجعل الإنسان في بؤرة الاهتمام، وأن ترفع التحديات التي يتصدرها :
  - التخطيط لتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعةَ عشرَ التي يتصدرها : القضاء على الفقر، والقضاء التام على الجوع، والتعليمُ الجيد، والصحة الجيدة، والحدُّ من أوْجُهِ عدم المساواة..الخ
وبات عليها أن تعمل جادة على كسب رهانات منها:
  - تعزيز الاقتصاد الأخضر
  - تكثيف غرس الأشجار تخليفا للغابات، ونشرا للمُتَنَزَّهات والحدائق والأحزمة الخضراء، وتَعداداً لمراكز التربية البيئية، وحدائق النبات.
  - تشجيعُ الزراعة الحضرية لتوفير الحاجيات الغذائية لسكان المدن
  - إحلالُ الطاقة المتجددة النظيفة محل الطاقة الأحفورية المُلوِّثة
  - اعتماد النقل الأخضر
  - تعميم البناية الإيكولوجية
  - ترشيدُ الإنفاق، والاستهلاك، وحُسْنُ التخلص من البقايا
  - ترجيح السياحة الداخلية على الخارجية
  - تشجيع البحث العلمي، ورعاية التميز، واستقطاب الكفاءات، والتحفيز على الاختراع.
  - توثيق أواصر التعاون، ونشر ألوية التسامح والسلام
وتظل سنة 2020 محطة فارقة:
على الإنسان أن يختار فيها ـ بعد التخلص من شبح الجائحة ـ بين:
 ـ الإمعان في التصنيع والتنقل الملوث للأجواء، المهدِّد بانقراض الكائنات الحية على الأرض، ومستقبل الحياة عليها، والتمادي في الأثرة والتنافس والصراع.
ـ أو التحول إلى الأخذ بأسباب استدامة التنمية، بالحفاظ على البيئة، وإعلاءِ شأنِ الإنسان، وتحقيقِ مُجتمع الْقِيَمِ والتسامُحِ والسلام.