adsense

2020/06/10 - 12:34 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست
مخطئ من يعتقد أن ما وقع لنصب عبد الرحمان اليوسفي من تدنيس مباشرة بعد وفاته ، هو الفعل العدواني الأول والوحيد من نوعه تجاه رمز من رموز الوطن والوطنية في بلادنا وباقي البلاد العربية والإسلامية ، لأنه قد سبق أن عرفت رموز بلادنا العديد من حوادث مماثلة في الهمجية الحاقدة والعدوانية الناقمة ، وربما أشد ضراوة منها ، طالت قبور و نصب تذكارية للكثير من رجالات لا يكتمل التاريخ المعاصر إلا باستحضار مساراتهم النضالية والفكرية والسياسة ، كما حدث لقبر الراحل ادريس بنزكري مهندس الإنصاف والمصالحة ،الذي إمتدت إليه في 2 ماي 2013 أيادي المتسلقين على المصائب من المتأسلميين ،بالتخريب والتدمير ونفس الشيء فعل في 10 يونيو 2017 بقبر الراحل عبد الرحيم بوعبيد ، وقبل ذلك حاولت نفس الأيدي الآثمة أن تفجر بقبر أتاتورك في أكتوبر 1998 كما ، وقبل هذا وذاك بعقود تبول نفس الحاقدين على قبر يوسف بن تاشفين .
وقياسا عليه فإنه واهم من يظن أن تلك الأحدات هي مجرد ردة فعل متهورة معزولة ولا علاقة لها بالذهنية الإرهابية التي بدأت ثقافتها تنتشر في البلاد بكل ما تحمله من غلّ وحقد ونقمة وكراهية المشوهة لصورة الإسلام ، بما تلبسه من أثوابَ العنفِ والظلمِ والتجبُّر ، بل هي في حقيقتها سلوكيات لا تنفصل عن تقاليد الجاهلية وعاداتها المتجذر في ذهنيات الكثير من فقهاء الإرهاب المختلفين وأتباعهم من الغوغاء الحاقدين الناقمين الكارهين للوطن وتاريخه ورموزه ، المتغنين بكل غريب لا تربطهم به لا جغرافيا ولا تاريخ ، الذين كانوا -مند القرن الأول الهجري – لا يكتفون بتدنيس القبور و النصب التذكارية وتخريبها ، وكانوا يعمدون إلى نبشها وإخراج جثث أصحابها وإحراقها .
ورغم فضاعة الحدث ووحشيته وهمجيته ولاإنسانيته ، وما شكلته من صدمة كبيرة في نفوس محبي هذا الوطن ومقدري رموزه على إختلاف توجهاتهم ، فإنه لم ينل من قيمة الفقيد ولا من سمعته ، كما ود ذلك المتخلفون ، بقدر ما زاد في ذكر وسيرة المرحوم الذاتية إشعاعا وتوهجا وسموا بين سير الوطنيين الملتزمين ، ووطد حضوره في الوطن والذاكرة ، بدليل ما أفرزه ذلك الفعل الظلامي الجبان ، من غضب جماهيري عارم  ، وردود أفعال ساخطة ، وتدوينات مستنكرة ومقالات منددة ، انتشرت في كل أرجاء البلاد بسرعة البرق وبكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ، ضد لاأخلاقية الجريمة وعنصريتها المقيتة، التي إن أكدت على شيء  فإنما تؤكد على غرابة هذا الفعل وبعده عن تعاليم ديننا الحنيف وعن سماحته وأخلاقه التي يتبجح الظلاميون بالدفاع عنها.
ولا يسعني بالمناسبة إلا أن أطلقها صرخة قوية للتعبير عن مدى ما أشعر به من تقزّز وغثيان تجاه الجدث وأقول : كفانا من عصبية أبي جهل الجديدة التي تكره النور والورود والجمال وتعشق القبح وبراز المؤخرات ، وأختم بالتساؤل المحير الذي أتمنى أن يجد آذانا صاغية وعقولا واعية ، متى سيتوقف هذا العبث الذي بدأ يجد صداه في المجتمع  ، ويُعلَن عن حالة طوارئ قانونية وشرعية تنقد رفعة الإسلام وحضاريته من براثن هذه السلوكيات والأفكار المشلولة والمعلولة المستمدة من العصبيات الأصولية الماضوية المعادية للحداثة ؟؟.