adsense

2020/06/10 - 5:56 م

بقلم عبد الحي الرايس
يفتحُ الإنسان عينيْه على الوجود، فيتعلق بأمه وأبيه وذويه، ويَدْرُجُ في الحياة، ويَحْسَبُ أن العالم ينحصر في مسقط رأسه ووطنه، فيهْوَاهُما ويَحِنُّ إليْهما، ويَذُودُ عن حِماهُما، ثم لا يلبث أن ينفتح على العالم بِتعدُّدِ أمصاره وقاراته، واختلاف أجناس الناس فيه، وتنوع ألوانهم، وتعدد لغاتهم، ويَرْقى بفكره ووجدانه ليعانق المعمور في شموليته، والإنسانية في سموها وقيم الخير والتسامح فيها.
ولو وُكِلَ الإنسانُ إلى فطرته لَعَشِقَ القِيَم، ولآثر السلام، ولَسَما بحبه من ذويه ووطنه إلى الإنسانية والعالم فإلى الخالق مدبر الأكوان.
ولكن الخير والشر منذ الأزل يتنازعان السبق إليه وتظل التربية والشرائع محط رِهَان التنشئة السَّوِيَّةِ للإنسان.
هذا ينسحب على الأنظمة والدول مثلما ينطبق على الأفراد فأنت مُلَاقٍ بين الناس الْغَيْرِيَّ العفيفَ، المتشبعَ بالقيم، والمُحِبَّ للجميع، مثلما أنك مُصادِفٌ الأنانيَّ الجاحد المتسلط والمُسيءَ إلى الجميع، وبين هذا وذاك أنماط ونماذجُ شتى.
وكذلك أنت واجدٌ أنظمة ودُوَلاً تَنْشُرُ العدلَ والسلامَ في رُبُوعها، وتُكرِّمُ الإنسان فيها، بل وتنْفتح على بعضها، وتمُدُّ بينها جسور التكامل والوحدة، فيعُم السلامُ رُبوعَها، وتنتفي الحدود فيما بينها، مثلما أنك مُلْفٍ دُوَلاً تُنتج السلاح، وتُضرم الحروب، وتثير الفتن بين الشعوب رغبة في استعمارها وطمعا في استغلال خيراتها، بل منها من تحسَبُ نفسها عُظمى، وتستعْدي معها دولاً أخرى لِتُفتِّتَ الوحدة، وتسْتنزفَ الثرْوَة.
عَاشِقُ الإنسانية المتشبِّعُ بالإخاء والسلام يُوثر الحوار، ويمْقُتُ الحروبَ وحمْلَ السلاح، ولكن رُوحَ المقاومة تسكنه وتحمله على رفض الانبطاح والاستسلام، وعند الضرورة يهب منافحاً عن حوزة الأوطان.
ما نأمله أن يَحُدَّ الناس من أطماعهم، ويكفوا أذاهم عن غيرهم، ويجنحوا إلى السلام،  ويَصْدُرُوا عن وطنية صادقة، تسْمُو بهم نحو مُعانقة الإنسانية في سعيها الدؤوب إلى تكريم الإنسان، ونشر ألوية السلام.