adsense

2018/10/16 - 4:49 م

بقلم يونس المودن

ينسب للخليفة العباسي هارون الرشيد قوله لابنه المأمون" يا بني الملك عقيم،لو نازعتني فيه أخدت الذي فيه عينيك.أي لقطعت رأسك"
فعلا الملك عقيم لا ينفع فيه نسب. ففي التاريخ العربي الإسلامي حوادث تؤكد أن هذا القول لم يكن مجرد صيغة مبالغة بل أمراً واقعاً، فكتب التاريخ تحمل لنا بعض الوقائع التي تمثل تطبيقاً عملياً له.
لكن في سابق الزمن كان معيار القتل هو المنازعة على الحكم أو محاولة الانقلاب .أما في عصرنا الحديث المتحضر فإن مجرد انتقاذ الحاكم أو بعض سياساته في بعض الدول العربية  تجعلك في قائمة المطلوبين والمبحوث عنهم.
هذا ما حدث للصحفي السعودي جمال  خاشقجي " مثقف وإعلامي سعودي، تقلب بين مناصب عديدة رفيعة، وكان مقربا من القصر والعائلة الحاكمة، نسج شبكة علاقات إقليمية ودولية واسعة، وكتب في كبريات الصحف العربية والغربية، وحل ضيفا على العديد من القنوات الفضائية، قبل أن يضيق به صدر ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان، فيغادر المملكة قبل نحو عام، معلنا أنها لم تعد مكانا ملائما للتعبير.
لم تشفع له العلاقات التي كانت تربطه بالعائلة المالكة في المملكة السعودية من أن يكون ضحية من ضحايا الكلمة الجريئة .فبعض الأنظمة السياسية العربية لا تقبل النقد ولا تقبل المعارضة وكل من وقف في طريقها تستبيح دمه بفتوى " إن تستقيموا أستقم لصلاحكم وإن تعدلوا عني أرى قتلكم عدلا " .لم يكن خاشقجي معارضا يدعو إلى إسقاط النظام في السعودية .إنما انتقد بعض السياسات التي نهجها ولي العهد ودعاه إلى إطلاق النشطاء المعتقليين ووقف الحرب الشعواء في اليمن ... لكن اليد التي طالت أبناءها من الأسرة المالكة واعتقلت عددا كبيرا من الأمراء .لن تتورع في توقيف خاشقجي أو اختطافه واغتياله كما تقول معظم الروايات ما دام الأمر يهدد أمنها وكرامتها .السلطات السعودية تصر أن جمال خرج من القنصلية سالما .ولم تقدم أي دليل في عصر التكنولوجيا. والسلطات التركية بدت متحمسة في أول الأمر وكأنها تملك دليلا قاطعا على كون خاشقجي قتل داخل قنصلية بلاده.لكن تلاشت حدة الخطاب السابق بعد ذلك . فهل تغلبت المصالح العامة للدولة التركية على إظهار الحقيقة للعالم أم أن خاشقجي كان ضحية لأنظمة أخرى شاركت في قتله غير السعودية .وعجزت تركيا عن مواجهتها.
إذا أفلت المسؤولون عن الإخفاء القسري للصحفي السعودي من المساءلة والعقاب، في حال ثبوت التهمة، فلا ضمانة من أي نوع بأن هذه الأفعال الشنعاء لن تتكرر مستقبلا
أما الأنظمة العربية ما دامت على هذا الحال ستكون مجبرة على محاربة هذا الجيل والأجيال التي تليه .أما عمر جمال خاشقجي سيكون أطول من عمر قاتله.