adsense

2022/02/14 - 11:39 ص

بقلم عبد الحي الرايس

المشورة، ثم المشورة، ثم المشورة، ويَسْألُ السائل: مع من؟ فياتي الجواب: مع طليعة المجتمع، فهي نَبْضُه ومَكْنُونُ حاجته، ومع ذوي الرأي والاختصاص، فهم ذَوُو خبرة واطِّلاع، يَصْدُرُونَ عن درايةٍ وموضوعيةٍ وحِيَاد.

ورحم الله من قال: "كلُّ ما تفعلُه من أجلي وبِدُونِي فهو ضِدِّي"

في تجاربَ عديدة كان أصحابُ القرار ـ في أكثرَ من بَلَد ـ يَعْتدُّون برأيهم، يتخذون قرارهم، ويُصْدِرُون أمْرَهم فيُصيبُون حِيناً، ويُخطِئُون أحايين، ومن أسفٍ أن العديد من الأخطاء تُكلِّفُ الكثير، ويَصْعُبُ معها التدارُكُ والتصحيح، ولذلك كانت (حكمة الخياط قبل تمْرير الْمِقَصّ)، وتَمَّ التوجيهُ إلى النُّزول عند رَأْيِ «الحكامة الجيدة"، ونَصَّ دستورُ المملكة كأسْمَى قانونٍ في البلاد على تفعيل "الديمقراطية التشاركية".

وتَعْلَقُ بالذاكرة تجربةُ وَالٍ أسْبَق لمدينة فاس - في مطلع الألفية الثالثة - أقبل على مُنتخَبيها وفي حقيبته اعتمادٌ هام من أجل معالجة ظاهرة الباعة الجائلين، وصرَّحَ أنه يعتزمُ بناءَ محلاتٍ بساحتيْن لتجميعهم، سايرَهُ في ذلك أغلبُ المُستشارين، وانْبرَى صوْتٌ يعترضُ مُوَضِّحاً: "لو فعلنا لشاهت المدينة، وَنَفِدَ ما بها من ساحات، ولما توقفتْ أعدادُ الجائلين" استوعبَ الوالي الاعتراضَ بحِكْمتِه، وتراجعَ لِتَوِّهِ عن قراره.

وفي حواضر العالم المتقدم التي راهنتْ على الاستدامة، وقطعتْ أشواطاً في مسار التنمية، استخلص مُدَبِّرُوها الدروسَ من تجاربَ عاثرةٍ سابقة، وصار الشعار: استطلاع رأي شرائح المجتمع أوَّلاً، وفي ضوء نتائجه يكون التخطيطُ والتصميم، ثم القرارُ والتنفيذ، فينضافُ كَسْبٌ جديد، ويحظى برضى الجميع.

من أجل ذلك يتعينُ التأكيد على تفعيل الحكمة في تدبير المدينة، وعلى جدوى تفادي الارتجال في اتخاذ القرار، فقد يُفاجَأ بإجماعٍ على الاعتراض، ولا يُحقِّقُ النفع المُرَاد، وقديماً تناقل الخَلَفُ عن السَّلَف: "ما خابَ مَن استشار".