adsense

2018/09/13 - 11:35 م

بقلم عبدالحي الر ايس
عندما يدعو الكثيرون إلى اعتماد الإنجليزية لغةً ثانيةً في كثير من بلاد العالم، فلأنها لغةُ المرحلة في البحث والتناظر، والتداول والتواصل، وبذلك تكونُ أحقَّ من غيرها ـ بَعْدَ اللغة الوطنية ـ بالتعلُّم، وبالاستعانة بها على مُواكبةِ العصرِ والالتحاقِ بالرَّكْب .
وعندما تختارُ دولتان عُظْميَان كأمريكا وبريطانيا تدْوينَ الرَّبَائِد (الأرْشيف) باللغةِ العربيةِ المعياريةِ الفصيحة، ضماناً للاحتفاظِ بها، فلِثقتهما في أنها اللُّغةُ الحيةُ المتجددةُ في أصالتها، القادرةُ على تخزين الْمُعطيات، والقابلةُ للائْتمانِ عليْها على مرِّ العصور والأجيال، فماضيها الحافلُ بِتُراثٍ مَقروءٍ مفهوم على تتابُعِ القرُون،  يُعززُ الثقةَ في حاضرها ويُنْبِئُ عن مُستقبلها الواعدِ بالاِسْتمرارِ والخلود ، على عَكْس لغاتٍ أخرى ما فتئتْ تَسْلخ عنها جلدها ،وتستدعي ترجمة تُراثها من مرحلة إلى أخرى.
وحين تُعْلِنُ دولة ككوريا الجنوبية اتِّخاذَ العربيةِ لغةً أجنبيةً ثانية، فلِحَدْسٍ وبُعْدِ نظر،  وثِقةٍ وواقعية.
لكنْ حينَ تَحْرصُ أقلامٌ على الكتابةِ بالعربية لمُهاجمتها، والتشكيكِ فيها، ومُحاولةِ النَّيْلِ من مُسْتعمليها فهذا ما يُثيرُ العَجَب .
في البلد الواحد لغتانِ وطنيتان نصَّ عليهما الدستور، فلْتُؤكِّدْ كلٌّ منهما حضورَها بالقابلية للتعبير والتدوين، والتداولِ والاستعمال وإبرازِ التراث، ولا مجال بينهما للتدافُع والإقصاء.
ومَنْ تحمَّس للُغةٍ يظلُّ مَدْعُوّاً إلى الكتابةِ بها، وتأكيدِ حضورها، وتعزيزِ تداوُلِها واستعمالِها، والترجمةِ منها وإليها.
وفي المدرسة يُفترَضُ أن ياخذ المتعلم أوَّلياتِ القراءة والكتابة لِلُغَةٍ مِعْياريةٍ مُوَحِّدة، تُقْدِرُهُ على التدوين والتعبير، تصْقُلُ مَلَكَتَه، وتُهذِّب سليقته، بطريقةٍ تلقائيةٍ عرَضية، قبل أن تؤولَ إلى قاصدة مُقعَّدة، كلُّ ذلك بهدف تمكينه من الاطلاع على التراث، والاندماج في الحياة، والإسهام في التنمية والإنتاج، والإبداع والإغناء .
الإنسانيةُ تتنادى إلى التآخي والسلام، والخيرُ كل الخير في الوحدة والائتلاف، فلما ذا يُصِرُّ البعضُ على تلمُّسِ أسبابِ الْفُرْقَةِ والشتات.