adsense

2018/05/29 - 1:17 ص

بقلم أمسكور محمد : باحث في علم الإجتماع
في ضل هذا الكم الهائل من الظواهر الاجتماعية التي أضح يشهدها المجتمع المغربي دون ان تستوقفنا للتأمل حتى، فهذا الأمر يطرح أكثر من علامة استفهام!!!!  والخوف من استدماجها و شرعنتها قيميا واخلاقيا واجتماعيا بحكم تزايدها المطلق وانفجارها الظاهراتي يضل قائم الذات. فالسياق المجتمعي اصبح اليوم أكثر من أي وقت مضى يطرح تحديات لابد من العمل على تجاوزها من خلال تفكيك  البنيات الإجتماعية ومساءلتها بالدراسة العلمية و النقدية قصد الوقوف على الخلل، بدل تقديم أحكام قيمية جاهزة لا تبثها صلة بالواقع . فمختلف الظواهر التي التي عبرت سبيل المجتمع لم تكن الا وليدة خلل ما في مؤسسة من مؤسسات التنشئة الإجتماعية. وهذا ما يقتضي منا إخضاع هذه الظواهر للمساءلة الشاملة والموضوعية ولمنطق الإفتراض والإفتحاص الذهني واستجلاء حقيقتها وربطها بالأسباب و التنبؤ بتأثير نتائجها على مستقبل الفرد و الجماعة. فقد تبد للعامة صغيرة و جزئية و لكنها كبيرة و مؤثيرة في رأي الباحث السوسيولوجي . وحديثنا هذا ينصب حصرا عن العنف الجنسي؛ ولعل النموذج  اشكال استغلال الأطفال جنسيا، فبرغم من مشاركة المغرب في أول مؤتمر عالمي ضد الاستغلال الجنسي للأطفال الذي انعقد بستوكهولم في غشت 1996 وعلى الرغم أيضا من المكانة التي اتخذها في مؤتمر يوكوهما. بحيث اصبحت الدولة المغربية الرائدة في المنطقة الافريقية المتعهدة و الملتزمة بمنع الاستغلال الجنسي للأطفال ( pédophilie) وتعنيفهم و الإتجار فيهم و البورنوغرافيا الخاصة بهم ، و اعترافها بخطورة هذه الظاهرة و آثارها على التنشئة الاجتماعية ، فإن ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال لازال يلفها الصمت والغموض. خصوصا على مستوى التوعية و التبليغ و الإرشاد .
وهذا ينتج عنه اثار نفسية تنعكس بشكل او باخر على شخصية الطفل حيث أنه ومن المؤكد أن من يعتدي على الأطفال و القاصرين جنسيا يساهم في المس بالكرامة الانسانية وفي تكسير حياة الطفل نفسيا و يحطم فرصته في الإندماج في المجتمع بشكل طبيعي وصحي. فجريمة من هذا النوع قد تخلق شخصية غير متماسكة لدى الطفل و خللا في المكونات الثلاثة لبنية الوعي لديه وفي مقدمتها ؛ المكون الإجتماعي حيث تتجلى اثار هذا الاستغلال في صعوبة قدرة الطفل على الاندماج في الوسط الاجتماعي وعدم تلاؤمه مع واقعه ، بل قد تتكون لديه مرآة متعددة الأسطح حول الواقع فيلتبس عليه الأمر مع أي واقع وفي اي وسط .اما بالنسبة للمكون النفسي ؛ فقد خلصت  الدرسات المنجزة حول هذا الأمر الى أن الطفل ينسج فكرة عن نفسه ، اذ يتوهم بأنه مخطئ ،  الشئ الذي قد ينتج عنه عزلة مرضية عن الآخر فينقطع عنهم انقطاعا مطلقا مما يجعل منه شخصا انطوائيا و مكتئبا . اما في ما يتعلق بالمكون القيمي فإن للقيم و الأخلاق تأثير بليغ في تكوين شخصية الفرد فقد يلعب هذا الاستغلال دورا سلبيا في تكوين نمو الآليات الدفاعية عنده وتعطيل نمو دوافعه الجنسية ، مماقد ينشئ لديه تصورا مقلوبا. فالفعل الممارس عليه سلوك لا معياري وتصرف يسئ الى حقه في الحياة و مؤثر سلبي على مرجعية القيم لديه . كما أن المرور بالمفهوم من مستوى الواقع الى مستوى البناء العلمي يحيلنا الى القول بأن العنف سلوك ناتج عن دوافع عدوانية يمارس بهدف السيطرة على الفرد او الجماعة، ويفسر في أدبيات التحليل النفسي ، على أنه نابع من نرجسية تعد كل فرد منافسا عدائيا محتملا للمرء وكابحا لحريته . من هذا المنطلق وبالرغم من التحولات البنيوية و التغير الدينامكي الذي تشهده مؤسساته، لازال السلوك العدواني و العنيف يطبع العديد من التصرفات و العلاقات بين الناس خصوصا بين المرأة والرجل ولازال يمارس باعتباره عملية للسيطرة والاخضاع. فالظاهرة مثيرة سوسيولوجيا لدرجة أن الجميع في المجتمع المغربي يبدو متورطا في بنية العنف بشكل او بآخر ، فهو فاعل و ضحية في آن. لكن المرأة تبقى اكثر عرضة للعنف الجسدي والنفسي المادي و الثقافي ، على اعتبار أن العملية الأكثر تداولا في مجال التعامل معها هي " السلطة تصنع الرجل " ، منا يدفعنا الى القول بأن دينامية السيطرة متجدرة في البنية العقلية .
   عديدة هي المخاطر التي تنتج عن بعض الظواهر التي نتسامح معها ولا نعيرها أي اهتمام فالظاهرة بشمولية مفهومها تأثير وبشكل كبير في البناء و المشروع المجتمعي، إذا بدون استفهامنا حول الأمر فإننا نكرس لثقافة الاستدماج التلقائي . حيث أنه أضح من الضروري الإنتباه كل الإنتباه الى الوقائع التي تمر عابرة دون شد انتباه الناس الذين يمرون في الحياة من دون مبالاة او ادراك بأنهم جزاء منها وهي جزاء منهم؛ اذ لا تكون مدعاة لملاحظتهم وتأملهم وتفكيرهم. وإن حدث ذلك فإنه يثم عن طريق التداول الشفاهي والحكي والإشاعة. الا أنها تنفلت من مراقبة وملاحظة علمية.