adsense

2016/03/29 - 12:26 ص


بقلم الأستاذ حميد طولست

كعادتى الصباحية ، وقبل الشروع في تصميم ما سأكتب عنه ، أبدأ يومي مبكرا بتصفح الأخبار والأحداث التى جرت في المغرب وفي بلاد الله العريضة ، ومن خلال متابعتي لأحداث الساحة السياسية المغربية ، وجدت أنها عاشت عدد من الأحداث الهامة والخطيرة ، التي لا يمكن إهمالها أو التغافل عنها ، لتأثيراتها البارزة على الوطن والمواطن ، والتي استطاعت لأهميتها وخطورتها ، أن تغطي على ما يجري حولنا في العالم ، بتصدرها واجهات الصحف الجهوية والوطنية والدولية ، وغزوها القنوات الفضائية الوطنية والعالمية .. وأبرزها كان الحدث الخطير المتمثل في تصريحاته بان كي مون بخصوص قضية الصحراء المغربية ، التي تجاوز بها دوره الحيادي ومهمته المعهودة ، والتي أخرجت المغاربة للتظاهر ضده في مسيرة مليونية .
جميل جداً أن نرى المغاربة بكل شرائحهم ، معبئين و مستعدين للدفاع عن وحدة وطنهم بالغالي والنفيس كلما أحسوا بأي مساس بسلامة وطنهم من طنجة إلى لكويرة . لكن المستهجن وغير الجميل ، والذي يحز في النفس ، هو تقاعس بعض الأحزاب السياسية وغيابها عن تأطير المواطنين وتنظيمهم في مثل هذه المعارك المصيرية ، حيث سجل غياب مكشوف وفاضح للكثير من الأحزاب عن الساحة النضالية ، ومحطات التنديد.. وعلى رأسها التيار الإسلامي وحركات الإسلام السياسي الذي أخلف موعده مع لحظة تاريخية حاسمة - كما ألف التخلف على مواعيد وطنية أخرى غيرها - إما لعدم قدرتها على التكيف مع المستجدات الطارئة ، وإما لغياب الجرأة أو لحسابات سياسوية ضيقة ، لن ينساها الشارع المغربي ، وسيدفعونه ثمنها طال الزمن أو قصر..
حيث أنّه لم يكن للتيارات الإسلامية والتنظيمات "الإسلام السياسيوي" ، أي حضور وازن في  التظاهر ، كالذي عهدناه فيها ومنها ، كلما تعلق الأمر بقضايا بعيدة عن الوطن ، كالتضامن مع مرسي ومعارضي بشار وحماس . أما مثل هذه القضية الوطنية الحساسة ، فقد قوبلت من طرف بعضها  بالتجاهل التام والمريب ، أو بالصمت المتواطئ الحقير  -ولسان حالهم يقول "طوز فيها وهيهم" المقولة المشهورة لمرشد الاخوان المسلمين لمصر- وتوزعت ردود أفعال بعضهم الآخر بين المشاركة الباهتة المنافقة ، أو التنديد الخجول .
حقيقة لم أستطع استيعاب غياب مكون معتبر مثل فصيل الإسلاميين عن مثل هذه المحطات النضالية المهمة في تاريخ المغرب ، وابتلاع لسانه عندما تعلق الأمر بجريمة نكراء ارتكبت في حق الصحراء المغربية ، التي لا يجب التعامل معها بمنطق الحزبوية الضيقة ..
وكم كانت خيبة أملي كبيرة ومرة جدا ، بسبب توانى التنظيمات الإسلامية ، بل غياب بعضها الكلي – ما عدى الحضور الباهت لبعض الفصائل في بعض المدن - عن معركة وطنية هزت الرأي العام المغربي ، وهي التي عودتنا ، بكل فصائلها ، على بلائها الحسن والجيد ، في حشد الأنصار ، وتهيج عواطف الناس بفتاواها التافهة ، ضد الكثير من القضايا الجانبية وغير الوطنية...
ومهما حاول البعض تبرير تعاملهم تجاه هذا الحدث  اوطني، بوضع المساحيق المزيفة لتجميل فعلهم المصلحي المرفوض ، النابع من خوفهم على مصالحهم الاقتصادية ، فإن القضية أبانت بالمكشوف عن خلل هيكلي يؤكد عدم نضج تنظيمات الأسلام السياسي في تدبير الأزمات الطارئة ، بسياسة صم الاذان عن نبض الشارع ، الذي شكل جرس إنذار لكل التنظيمات السياسية الإسلامية وغيرها ، لضرورة تحمل مسؤولياتها السياسية وخروجها من كراسي الاحتياط السياسي ، والقطع مع السياسة السياسوية ، والكف عن اللعب على الحبلين ، واعتماد الموضوعية ، المصداقية .. لأن قرارات ومواقف رجال السياسة تخضع عادة للمحاسبة ، خاصة عند التقصير؛ فالمسؤول السياسي محاسب إن جانبه الصواب سواء بقصد أو غير قصد ، حيث ترتكز المحاسبة بالأساس وفي البداية على حدوث الخطأ ، وليس على المقصد.