adsense

2014/03/26 - 4:07 م


تناقلت الشهر الماضي أخبار مقلقة عن حجم المحجوزات من الحبوب المهلوسة التي دخلت إلى المغرب مستهدفة على الخصوص الوسط المدرسي، والخطورة تمثلت في بث تقرير خبري في القناة الثانية عن تعرض أربعة أطفال بمدرسة ابتدائية بضواحي سيدي قاسم لتناول هذه الحبوب داخل أسوار المؤسسة وحملهم مباشرة إلى المستشفى بالمدينة لتقلي العلاج.
هذه الأخبار المتعلقة بالحبوب المهلوسة، إذا أضيفت لها الكميات الهائلة من المخدرات الصلبة التي تم حجزها بمطار محمد الخامس في أكثر من أربع عمليات في ظرف أقل من أسبوعين، تعطي صورة عن تعاظم حجم التحديات القيمية التي بات المغرب يواجهها.

الخطورة تكمن في ثلاث مستويات: الأول كون المستهدف الأول من هذه المخدرات والحبوب المهلوسة هي فئة الشباب، وبخاصة التلاميذ والطلبة، والثاني، كون التحدي لم يعد يتعلق فقط بمنتوجات محلية يتم تداولها داخل الوسط المدرسي، وإنما بتقريب منتوجات خطيرة تأتي من الشرق الجزائري، ومن الغرب الأطلسي في أمريكا اللاتينية، والثالث، يتعلق بالأثر الخطير الذي ينتج عن تعاطي هذا النوع من المخدرات لاسيما الجرائم ذات الطبيعة الجنائية.

سؤالان مركزيان تثيرهما هذه التحديات، الأول، هو الآثار التي ستنتج عن الإدمان على هذا النوع من المخدرات لاسيما في الوسط المدرسي، أما الثاني فيتعلق بنوع المقاربة التي أعدها المغرب لمواجهة هذا التحدي.

للأسف، لحد الآن، المقاربة الوحيدة المشتغلة على الأرض هي المقاربة الأمنية، وهي التي تسعى إلى التكيف مع تنامي الظاهرة وتطوير التكنولوجيات الحديثة وتشديد الرقابة على حركة السلع في الموانئ والمطارات حتى يتم منع دخول هذه المواد. لكن هذه المراقبة على أهميتها وضرورة رفع مستوى يقظتها، فإنها لا تستطيع أن تواجه الظاهرة لوحدها، فحدود المغرب واسعة، وعمليات التهريب ليست كلها متحكم فيها، والوسائل الحديثة التي يلجأ إليها تجار المخدرات الصلبة قد تكون في بعض الأحيان فعالة، كما أن الانفلاتات دائمة واردة.
الخلاصة أن المقاربة الأمنية ليست كافية حتى ولو رفعت من يقظتها إلى أعلى المستويات، وأن المسؤولية اليوم باتت مطروحة على مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين والدينيين، بل مطروحة وبدرجة كبرى على كل أوعية التربية والثقافة والإعلام والإرشاد الديني.
لا ندري بالضبط السبب الذي يجعل الأحزاب السياسية غير معنية بهذه الكوارث الخطيرة التي تهدد الأمن القيمي والنسيج المجتمعي بالمغرب، ولا ندري لماذا لا تجعل وسائل الإعلام من صميم أدوارها خوض حملات إعلامية تحسيسية تربوية ودينية تنبه على التحديات التي تمثلها هذه الأنواع الخطيرة من المخدرات.
المسؤولية مطروحة على الجميع: على العلماء والدعاة والمثقفين وعلى الحركات الإسلامية والمجتمع المدني بمختلف مكوناته، لأنه ليس من المقبول أن يأخذ العمل السياسي والمدني طابعا احتجاجيا في الوقت الذي لا يأخذ فيه البعد التربوي أي نصيب معتبر في أولويات هذا العمل.
نعم الجميع يحتج اليوم على تعرض أساتذة إلى التعنيف من قبل تلاميذ، والبعض يجعل منها معركة سياسية لإضعاف موقف وزارة معنية أو حكومة، بحجة أنها لم توفر الأمن لأطر التدريس وهذا جزء أساسي من مسؤوليتها، لكن لا أحد يهتم بالمشكلة في أصلها، أي مواجهة المخدرات الزاحفة على الوسط المدرسي والتي لا ينحصر أثرها في إنتاج ظاهرة العنف الذي يتعرض له التلاميذ والأساتذة على السواء، بل يمكن أن ننتظر وقوع جرائم جنائية خطيرة داخل أسوار المؤسسات التعليمية إن لم تتغير المقاربة التسييسية، ويتحمل كل مسؤوليته في مواجهة هذا الخطر الداهم.