بقلم الأستاذ
حميد طولست
في الوقت الذي
أبان فيه المجتمع المدني المغربي تضامنه وتعاضده وحسه الوطني تجاه المصاب الجلل
الذي أصاب البلاد والعباد جراء الزلزال العنيف الذي ضرب عدة مناطق بالمملكة
المغربية.
وفي الوقت
الذي عبرت فيه العديد من الدول ومسؤوليها عبر العالم عن تعازيهم القلبية العميقة
ومتمنياتهم بالسلامة لأرواح الضحايا/الشهداء والشفاء العاجل للجرحى والمصابين ،
وتعاطف وتضامن بلدانهم ، حكومات وشعوبا، مع الشعب المغربي في محنته الأليمة،
والذين كان من بينهم على سبيل المثال لا الحصر- ليس الترتيب هنا حسب الأهمية أو
القيمة-: الرئيس الأمريكي جو بايدن وبلاده أمريكا التي نكست ألأعلام تعاطفا مع
المغاربة، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة
العربية السعودية ، و صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل
سعود، ولي العهد ورئيس مجلس وزراء المملكة العربية السعودية، و صاحب السمو الشيخ
محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، والعاهل الأردني
جلالة الملك عبد الله الثاني ، وصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة
قطر ، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة ، وصاحب الجلالة السلطان هيثم بن
طارق سلطان عمان ، والعاهل الإسباني فيليبي السادس، والرئيس الصيني شي جينبينغ ،
والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، والرئيس
الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني ، والبابا فرانسيس الذي أقام قداسا ترحما على
أرواح ضحايا الزلزال ، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ، والأمين العام للأمم
المتحدة أنطونيو غوتيريش ، و رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد ، ورئيس
الاتحاد الإفريقي ورئيس دولة جزر القمر غزالي عثماني ، ورئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو ، ورئيس جمهورية السنغال ماكي سال .
وفي الوقت
الذي سار فيه عدد كبر من نجوم الفن وأعلام الرياضة الوطنيين والعالميين على نفس
منوال تفاعل رؤساء الدول التضامني، والذي سأكتفي بذكر بعض أمثلة منه تضامن لكثرة
الأمثلة ، أسرد منها على سبيل المثال لا الحصر
تضامن أسطورة كرة القدم كريستيانو رولندو ، الذي خصص للمتضررين من الزلزال
- حسب صحيفة ماركا - فندق بيستانا 4 نجوم الذي يمتلكه بمراكش ، وأذكر حال البطل
المغربي بدرهاري الذي تضامن مع ضحايا الزلزال بإلغاء مباراة نزاله المبرمج بكل ما
كان سيدره عليه من أموال...
أمام هذه
الهبة التضامنية للشعب المغربي ، وذلك التفاعل الكبير لرؤساء الدول ، وتانك
التعاطف الكاسح للفانين والرياضيين ، وغيرها من مظاهر التآزر والتضامن والتعاضدة
والمواساة والتعازي الخالصة لأسر ضحايا الزلزال ، الذي فرضته "رقة
الإنسانية" التي بها يصير الإنسان إنسانا ، نتوقف عند تفاعل من لون خاص أثار
موجة من الاستياء لدى فئات واسعة من الفاعلين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، لربطه
الكوارث الطبيعية، من زلازل وفيضانات، وجفاف بأفعال البشر ، وأنها عقوبة إلهية لا
تقع إلا بسبب شيوع المنكرات ، كالزنا والمثلية وشرب الخمر وغيرها من الذنوب والمعاصي ، الرأي الذي دأب على ترديده
الشيوخ والوعاظ وخطباء المساجد على مر التاريخ في تفسيرهم الخاطئ للظواهر الطبيعية
، كما حدث مع ظاهرة الجفاف التي عرفها المغرب في القرن الماضي والتي تزامنت بموضة
ارتداء نساء المغرب للجلباب ، الحدث الذي ربطه –رجال الدين – بالجفاف ، ودفع بهم
لرفع شعار "الجلابة بلا قب مخلات الشتا تصب".
لقد لقد كان حري برجال الدين ، في هذا التوقيت والظرفية الحرجة التي وضعت البلد كلها في حالة حداد - وأمام هول هذه الكارثة ، أن ينأوا بأنفسهم عن تلك الترهات -حتى لو كانت صحيحة- ويبرهنوا على حسهم الوطني بتقديم الدعم العاطفي للشعب المغربي عامة وللأشخاص الذين تم إنقاذهم وتهدئتهم ودعمهم ومساعدتهم على التعامل مع التوتر والقلق، عبر خطاب ديني متسامح يحثهم على قيم التعاون والتآزر والتعاضد ، ويشجعهم على تنمية روح الفريق وثقافة المشاركة والتبادل ، أهم المرتكزات التي بني عليها الذين ،الذي هو ملجأ الإنسان في مثل هذه الحالات ومنذ الأزل ، بدل استغلال الكارثة لتبرير خرافاتهم الكهنوتية المسيئة لسلوك الناس ، عبر خطابات دينية لاأخلاقية و لاإنسانية مؤثرة على معنويات المغاربه ومضرة لنفسيات المتضررين ، والتي لا تساعد على تجاوز الأزمة ، ولا تزيد الناس ألا قلقا فوق الهلع الذي أنزلهم من بيوتهم إلى الشوارع ليقضوا فيها ليلة بيضاء مرعبة تاركين وراءهم كل شيء.
وفي الختام
أعزي نفسي والشعب المغربي ، وأسأل الله تعالى أن يرحم أمواتنا ويشفي الأحياء
المصابين ، ويحفظ بلادنا من الإحن والمحن، وينعم عليها بالأمن والخير والاطمئنان،
ويحميها من المغرضين المضللين الذين يزعمون بارتباط الظواهر الطبيعة، من زلازل
وبراكين وأوبئة بسخط الله وغضبه على الإنسان جراء ارتكابه المعاصي ، حسب تفسيراتهم
غير العقلانية المنتشرة والمرتكزة في غالبيتها على أحاديث ملفقة منسوبة للرسول صلى
الله عليه وسلم ،وهو براء منها، والذين نتمنى من الرحمان الرحيم أن يهديهم للتأدب
بآداب الإسلام الوسطي الصحيح البعيد عن ثقافة التأنيب و التخويف ، ويتركوا خلق
الله لخالقه ، فيرتاحوا ويرتاح منهم شعب يمر بأزمة إنسانية .