adsense

2021/10/14 - 10:30 ص

نشرت مجلة “لوبوان” الأسبوعية الفرنسية مقالا، تحت عنوان: “فرنسا والجزائر: حروب سرية”، أكدت فيه أن على أرض الواقع، فإن جميع الفاعلين أو اللاعبين في العلاقة الثنائية بين الجزائر وفرنسا يتفقون على أن الخلاف حول الذاكرة ليس في قلب التوترات بين البلدين في الأشهر الأخيرة، حيث تنقل عن رجل أعمال فرنسي قوله إنه يجب العودة إلى الصدام الدبلوماسي الذي حصل في شهر إبريل الماضي، على خلفية إلغاء اجتماع اللجنة الحكومية الفرنسية- الجزائرية.

هذه القمة المصغرة، التي كان من المقرر عقدها في الجزائر العاصمة مع رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس، تم “تأجيلها إلى موعد لاحق”  في اللحظة الأخيرة من قبل السلطات الجزائرية، بسبب انزعاجها لرؤية عدد الوزراء الفرنسيين المشاركين فيها ينخفض يوما تلو الآخر – غياب بررته الحكومة الفرنسية بأن سببه وباء كورونا.

وقد عاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الموضوع، خلال مقابلته في شهر يونيو الماضي مع صحيفة “لوبينون” الفرنسية، حيث قال: “التمثيل الفرنسي، الذي كان يتألف في الأصل من عشرة وزراء، تم تقليصه إلى ستة، ثم إلى أربعة وأخيراً إلى وزيرين، مقابل عشرة وزراء جزائريين! من كان يعتقد أنه يمكن القيام بذلك بهذه الطريقة، فهو لا يعرف شيئا عن الجزائر أو كيف يعمل بشكل ثنائي”.

وتابعت “لوبوان” في المحيط الاقتصادي، يتم الحديث عن أن العراقيل التي وضعت منذ سنوات أمام المستثمرين الفرنسيين، كانت “لسنوات” أكثر أهمية بكثير من العراقيل التي وضعت أمام أي مستثمر أجنبي آخر. على سبيل المثال شركات توتال ورينو وبيجو، شهدت إساءة استخدام مشاريعها الطموحة. ومؤخراً لم يتم تجديد عقود شركة RATP بشأن مترو الحزائر، وأيضا مجموعة Suez، وهي مجموعة فرنسية لإدارة المياه والنفايات.

وأشارت “لوبوان” إلى إشارة عشرين رجل أعمال مؤثر من منطقة باتنة (شرق الجزائر)، في 7 أكتوبر، قرارهم بمقاطعة جميع أشكال التعاون مع الشركات الفرنسية والتخلي عن كل شيء العقود المخطط لها مع شركاء فرنسيين. وبحسب وسائل الإعلام المحلية، فإن هذا الموقف “ينبغي تعميمه على جميع المشغلين الجزائريين المرتبطين بالشركات الفرنسية في جميع أنحاء البلاد”.

ويلاحظ مسؤول كبير سابق في الدولة الفرنسية أنه علاوة على “French bashing” الذي تعزز في الجزائر، كما هو الحال في كل مكان في إفريقيا الناطقة بالفرنسية منذ التدخل في ليبيا عام 2011، فإن باريس لا تفهم أن المجتمع الجزائري ونخب هذا البلد قد تغيروا كثيرًا في السنوات العشرين الماضية. ويقول المسؤول الفرنسي السابق: “منذ نهاية أعمال العنف في التسعينيات، كان الجزائريون (…) كانت هناك باريس (…) واليوم أصبحت هناك دبي واسطنبول ولندن والدوحة وسيول. الأجيال الشابة أصبحت أكثر استرخاء بشأن التفوق المزعوم للنخب القديمة الناطقة بالفرنسية”.

ومضت “لوبوان” إلى التوضيح أن الخلافات بين باريس والجزائر تمتد الآن إلى التعاون الثقافي (مثل توسيع شبكة التدريس الفرنسية) والعسكري (مالي ما بعد برخان). كانت فرنسا تنتظر موقفاً واضحاً من الجانب الجزائري حول الكيفية التي تنوي بها الجزائر الانخراط بعد إعادة الانتشار الفرنسي في منطقة الساحل، لكن دون جدوى.

علاوة على ذلك، وبغض النظر عن مدى التوترات، تظل بعض القطاعات منيعة على التقلبات السياسية. التعاون الأمني، إذا جاز التعبير، هو الملاذ الآمن: على كلا الجانبين. وقد راهن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على جانبين: تهدئة قضية الذاكرة وتقوية العلاقة المباشرة مع السلطات الجزائرية كشرط أساسي لإلغاء حظر العديد من الملفات المتأخرة، لكن العجلة لم تراوح مكانها.

وبدأت الجزائر في تنويع شركائها الاقتصاديين والاستراتيجيين قبل وقت طويل من الخلاف الأخير مع باريس: شراكة عسكرية جديدة مع روسيا، حيث شارك جنود جزائريون في مناورات قتالية في أوسيتيا الجنوبية، لا سيما لاختبار بندقية كلاشينكوف الهجومية الجديدة من طراز AK-12، وذلك بعد تنظيم مناورات عسكرية مشتركة في قاعدة “مرسي الكبير” البحرية نهاية شهر سبتمبر الماضي.

ومن الناحية الاقتصادية، فإن التقارب مع تركيا متقدم بشكل جيد، فيما تعتمد الجزائر على إيطاليا لإطلاق ديناميكية أوروبية متوسطية جديدة، على المستوى الاستراتيجي. وفي عام 2020، كانت الجزائر المورد الأول للغاز لإسبانيا والمورد الثاني لإيطاليا.

وتعتمد الجزائر أيضًا على شركاء آخرين في مجال الطاقة والتعدين، مثل شركة Equinor النرويجية الكبرى، التي من المتوقع أن تستغل حقلاً غازيًا جديدًا في جنوب الجزائر، يقدر بنحو 400 مليار متر مكعب، ثاني أكبر حوض غاز للبلاد، بالإضافة إلى ذلك، فإن الصينيين والأمريكيين والإندونيسيين هم في بداية المشروع العملاق لتعدين الفوسفات في الجنوب.