adsense

2020/06/02 - 7:55 م

بقلم عبد الحي الرايس
إعْلامُنا يُمجِّد المرأة، يَعْقد الندوات لإضفاء الاعتبار عليها، يَرْفعُ الشعارات لتكريمها، ويُلاحق الوصلات الْمُندِّدة بالإساءةِ إليها وتعنيفها.ولكنه في الآن ذاته، وعلى نحو يكاد يكون نمطيّاً يتفنن في تقديم مسلسلاتٍ يتكرر فيها اختطافُ المرأة، وإهانتُها وتحقيرُها، وإلحاقُ مُختلِفِ صنوفِ الأذى بها.
وهو بذلك يَصْنعُ صنيعَ المرأة التي كانت تَنْسُجُ نسْجها فتُحْكِمُ غزْلها، ثم لا تلبث أن تَفُكَّهُ وتَنْقُضَه، وعليها ينطبق قوله تعالى: " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بَعْدِ قوة....."
والمُؤْسِي والمؤسف أن الأمر يتجاوز المرأة لِيُشِيعَ في المجتمع قاموساً من السباب، وأنماطاً من مظاهر العنف والمكر، والخديعة والكيد، فيؤذي الصغار والكبار، ويُكرِّسُ مُجتمعَ التآمُر والاحتيال.
ولو أنها ظاهرة عابرة لجاز القول إنها عثْرةُ بَرْمَجَةٍ، أو فلتةُ انتقاء، ولكن الذي حدثَ ويحْدث في شعبانَ ورمضانَ وعلى مدى سائرِ الأيام أن مُسلسلاً لا يكاد ينتهي حتى يَحُلَّ مَحَلَّهُ غيرُه بنفس أصوات الدبلجة، ونمطيةِ الأسطورة.
أيامُ الحجر الصحي آذنتْ بانتهاء، وقد كان لها ما يبعث على تحمُّلها درْءاً لتفشي الوباء، ولكن التسَلُّطَ الإعلامي بمُسلسلاته المُدبْلجة الذي لا يُدْخِلُ بهجة، ولا يصون كرامة، ولا يخلق ألفة، ولا يرعى قيمة ينبغي أن يَرْحَل قبل رفع الحَجْر ولا يعود.
وفي الرصيد خزائنُ ملْأى بالبطولات والأمجاد، ومُسلسلاتٌ حافلة بسامي التعبير، ونبيل المشاعر، ووثائقياتٌ تُغذي الفكر وتُلهِبُ الخيال، فليكنْ في استعراضها تَرَوٍّ، وفي انتقائها حُسْنُ اختيار.
فالمجتمعاتُ بقِيَمِها، ومُثلها، وتعابيرها، وأمثالها، وأذواقها، وتقاليدها تُبْنَى مثلما تُبنى الصُّروحُ، وهي رَمْزُ الثقافات، وعنوانُ الحضارات.