adsense

2015/02/28 - 7:38 م

54ef123b611e9b59728b45a1

   في عز الانتفاضة الليبية، طرح الراحل امعمر القدافي السؤال الشهير " من أنتــــم؟ " على من كانوا يدعون "ثوار ليبيا " . هؤلاء  "من أنتم " هم من دمر ليبيا و مازالوا يدمرونها و لا أفق لنهاية هذا التدمير. فمن أنتم يا من شكك في ماهيتكم و أصلكم و نسبكم...؟ هل أنتم ليبيون ؟ إذا كنتم كذلك ، فنحن أحق بمشروعية الانتماء أكثر من الليبي إذا كان يدمر لأجل التدمير. نحن أولى بأن نكون ليبيين إذا كنتم أنتم لا تغارون على سلامة و أمن و استقرار أهلكم و وطنكم. نحن نتألم و نتحسر لما آلت إليه ليبيا"تكم" بفعلكم. فمن أنتم بالفعل إذا كان جراح و نزيف بلدكم لا يحرك فيكم إحساسا؟   لو بعث صدام لانتصب بكل شجاعة أمام " الدواعش" مستفسرا عن ماهية هؤلاء القوم الذين أبادوا الشجر و الحجر، و لم يكتفوا بذلك بل ذهبوا أبعد ليزيلوا و يدمروا كل ما هو جميل و كل ماهو قيمي و كل ماله بعد حضاري و تاريخي... فكل ما وقع لآثار الموصل من طرف " الدواعش" يجعلنا نطرح عليهم السؤال و بإلحاح " من أنتــــم؟ " : إذا كنتم مسلمين فجل المرجعيات الإسلامية  تتبرأ منكم و من أفعالكم؛ فدار الإفتاء المصرية كمثال أدانت ما أقدمتم عليه من تدمير للآثار و التماثيل التاريخية الآشورية بمتحف الموصل. و لفتت انتباهكم ـ إذا كانت لكم عقول تفقهون بها ـ أن مثل هذه الآثار لها قيمة إنسانية و تعبر عن حياة الناس و المجتمع قبل مجئ المسيح و الإسلام بقرون ، لها بعد كوني و ليست في ملكية أحد و المساس بها ينم عن جهل بالدين . فهل أنتم أفقه من الفاتحين المسلمين الذين و جدوا مثل هذه الآثار و غيرها و لم يصدروا أي فتوى أو أي رأي شرعي تجيز أو يجيز تدميرها و إبادتها. فـ"من أنتـــــم؟ "  إذا كنتم مسيحيون، فالعالم المسيحي يستنكر أعمالكم و يستخف طرق تفكيركم و يحاربكم. فــ " من أنتـــم "؟   الملحدون يخشون إرهابكم و إجرامكم و يعتزون بأنفسهم إذا كان الدين يجيز ما تفعلون ؛ فــ " من أنتـــم " ؟
  أمريكا و إسرائيل تحاربكم و تعبئ العالم ضدكم. فــ " من أنتـــم " ؟
  الملايين من البشر مهووسون برعبكم و قسوتكم و إرهابكم . فــ " من أنتــم " ؟    أنتم تكرهون كل شئ، حتى أنفسكم، تقتلون و تحاربون و تكرهون السني، الشيعي، المسيحي، الكردي، اليهودي، الملحد، العلماني، و.... من هو ذا الإله الذي تستمدون منه تعاليمكم، و من هو ربكم الذي علمكم كراهية المخلوقات و كراهية الحياة و كراهية الأموات... فــ " من أنتـــم " ؟.  تتوعدون الكل بأنكم قادمون، و الكل يرد عليكم بصيغة المفرد  " لكم دينكم و لي دين" فــ "من أنتـــم" ؟  و من أين جئتم. لا نريد جوابا فلسفيا يقارب فلسفة و جودكم ،  لأننا كبشر، غير معنيين بكم و لا بأجوبتكم؛ و لكن نريد حقيقة مكر من أوجدكم. هذا الذي هندس و جودكم و صنع جغرافيتكم هو من ستكون له مشروعية الجواب الشافي و الكافي عن " من أنتـــم " ؟  أنتم أداة و ليس ذات، أنتم "روبوهات"  مبرمجة، مسيرون لا مخيرون، لا عقل و لا روح لكم .  أخيرا، سنستأذن ، بعد الاعتذار، من إيليا أبو ماض،  لنصادر بيته الشعري من سياقه الحقيقي و يسمح لأحد من " من أنتم " ؟ ليجيب عن السؤال المركزي في هذا المقال  فيقول:
   جئت و لا أعلم من أين و لكني أتيت                و لقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت.
 المصطفى منعــــوت