adsense

2022/06/18 - 12:33 م

بقلم عبد الحي الرايس

المدرسة بانية المجتمع، ورهانُ تنميته، وعمادُ نهضته، ولكنها قبل ذلك مرآتُه وصنيعتُه، فكلُّ مجال يستفيد مما يُنتج، والتفاعل بينهما سرمدي دائم.

وبلد يتوق إلى تجاوز واقعه، وإصلاح حاله، لن يربح الرهان إذا اكتفى بالنظر في حال المدرسة، وسعى إلى إصلاح بنيتها ومستلزماتها بمعزل عن تقييم حال مجتمعه، ومستوى عيش أرباب أُسَرِه، وصانعي أجياله، ومدى تفاعل إعلامه مع قيمه، ونوعية ساسَتِه ومُدبِّري شأنه.

والأسرة نواة المجتمع، فإذا تحررت من الفقر والأمية، وكان لها إسهام ومردودية، انعكس ذلك خيراً على الأبناء، وصار إرهاصاً بتنشئة خير الأجيال.

والإعلامُ بفضائياته ومُختلِف أطيافه يتسلل إلى النفوس، فيسكن الوجدان، ويؤثر في العقول، ويُلهم السلوك، فإن كان راعيا ًللقيم، مُحَفزاً للهمم، مُسْتثيراً للذكاء، متسامياً بالذوق واللسان، مستثمراً للتراث، مُذكِّراً بالأمجاد، مُطِلاًّ على كل مُسْتجَدٍّ وابتكار، ألْهَمَ وأفاد، وإن كان على خلاف ذلك دَمَّرَ وأساء، وأوْحى بِسَيِّءِ الخصال، وأسَفَّ بالذوق العام.

فإذا انتهيْنا إلى طليعة البلد، ومصدر القرار فيه، اتضح الأمْرُ أكثر، إذ أنهم أعيانُه ورُموزُه، مما يُحِلُّهم محلَّ القدوة والمثال فيه، فإن كانوا مُستنيرين بالقِيَم، متفانين في العمل، متشبعين بنكران الذات، حريصين على البت في الاختيارات التي تنهض بالأمم، أشاعوا العدل، وكافأوا الفرص، وقاوموا الاستلاب، وسرَّعُوا عجلة النماء، وإن كانوا على خلاف ذلك أرْبَكُوا الاختيار، وأبقوا على البلاد في محطة انتظار.

ولن يستقيم أمْرُ المدرسة إلا بِانْصلاح حال مُجتمعها، ومتى تحقق ذلك ساد التناغم والتكامل، فارتقت المدرسة بإرادةٍ وتصميمٍ من مجتمعها، وأضحى عليها أن تَرُدَّ الجميل، فتصيرَ مَنارتَه، ومُنتِجة طليعته، ومُحَدِّدة رُتبته ومكانته.

وكم يكون رائعا ومُجدياً أن  تنخرط كل أطياف المجتمع في تفعيل إرادة النهوض بالمدرسة: الأسر في اقتناعها بجدوى الدعم ومكافحة الغش، والإعلام في سعيه إلى السمو بالخطاب والارتقاء بمستوى الإنتاج، وصانع القرار في حرصه على التدقيق في الاختيار، وتحرير إرادة الوصول بالمدرسة إلى أسمى مقام.