adsense

2022/02/15 - 1:48 م

بقلم عبد الحي الرايس

الجفافُ ظاهرة كونية، لا يَخُصُّنا وحْدَنا، لأنه ناجمٌ عن تغيُّرات مناخية، خاضعٌ للمشيئة الإلهية، وَقَدَرُنا أن نتعامل معه كواقع، ونتدبر أمرنا في مواجهته بما يدرأ المَضَارّ، ويَجْلُبُ المنافع.

والتلقائية في بادئ الأمر تبعثُ على التبتُّل إلى الرحمن، والتماس الغيث من السماء، وقد عرفت البلاد والإنسانية في مُختلِف الأمصار العديدَ من مَوْجات الجفاف والسنواتِ العِجاف، فيكون التضرع، في ابتهال وخشوع، وقد تأتي الاستجابة، وقد لا تكون.

والحكمة تقتضي أن يُواجَهَ الجفافُ بالتحسُّب وحُسن التدبير، وبالإيثار وتقاسُم الرغيف

وفي كل مجتمع تنعقدُ الآمال على أعيان القوم وطليعتهم، فهم القدوة والمثالُ في العفاف والكفاف، وتدبير أمر الناس بنكران ِذات، وتضحية واجتهاد.

هم قدوة حين يُسارعون إلى تسديد ما عليهم من ديون ومُستحقات، ويُبادرون إلى الإعلان عن التخلي والزهد في نسبةٍ مما لهم من مُسْتحقات، وبعض ما لديهم من امتيازات.

وهم مرجعية ومثال، حين يتوخَّوْن البساطة في المآدب، والرمزية في الحفلات.

ويَسْمُون في أعين الناس أكثر حين يُطالِبون برفع نسبة الضرائب المفروضة على الثراء، ولا يتوانَوْن في أداء ما عليهم من زكاة.

وعكسُ ذلك حين يستمرئون الرِّيع، ويُمْعنون في التماس الثراء، والاستفادة من الغلاء على حساب البسطاء، فإنهم يُوغِرُون الصدور، ويُثيرُون النقمة لدى الجمهور، ويصير الشعار لدى كُلٍّ، أنا وبعدي الطوفان، وحذار حذار من تَغَوُّل الجِياع.

فلْيكُنْ لنا في ابتلائنا بالجفاف درسٌ واعتبار، ومُسارعَةٌ إلى الاقتصاد في الاقتناء، والترشيد عند الاستهلاك، وفي تدبيرنا للمياه، رأيٌ واجتهاد، تفادياً للهدْر والتلويث، استنارة بقول الرسول الأكرم

"لا تُسْرِف في الماء، ولو كُنتَ على نهر جارٍ"

عَلَّ اللَّهَ يُبْدِلُنا في القادم من الأيام عن الفتراتِ العجاف بسنواتِ خِصْبٍ ونماء.